
أحيت سوريا الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد وسط موجة من رسائل التهنئة من قادة دول ومنظمات دولية، تناولت جميعها هذه اللحظة بوصفها رمزية ومفصلية في آن واحد. وجاءت التصريحات بالتزامن مع احتفالات عمّت الساحات العامة في مختلف أنحاء البلاد، حيث حملت الفعاليات التي نظمتها الحكومة شعار: “لنُكمل القصة”.
وأشاد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك بصمود السوريين من مختلف المكونات، قائلاً:
“إلى كل سوري وسورية، السنّة والعلويين والأكراد والمسيحيين والدروز والعرب والتركمان والشركس، وكل من يعتبر هذه الأرض العريقة وطنه، بعد سنوات طويلة من الألم، نحتفل اليوم معًا بعودة الأمل المشترك”.
واعتبر باراك أن هذه اللحظة تمثل فرصة للوحدة والازدهار.
كما هنأ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو السوريين، مشيرًا إلى الخطوات الأولى للمرحلة الانتقالية ودور الشركاء الدوليين، وقال:
“نحيّي صمود الشعب السوري ونجدد دعمنا لسوريا سلمية ومزدهرة، جامعة بمكوناتها، وتعيش بسلام مع جميع جيرانها”.
القادة الأوروبيون يؤكدون على الاستقرار والعدالة
ركز المسؤولون الأوروبيون على العدالة وضرورة عملية سياسية يقودها السوريون. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن انهيار نظام الأسد ووضع حد لانتهاكات سجن صيدنايا يجب أن يشكلا نقطة لا عودة، داعيًا إلى المساءلة وضمان أمن السوريين.
وأشار القائم بالأعمال الأوروبي في سوريا مايكل أونماخت إلى أن نهاية الديكتاتورية فتحت “مرحلة جديدة”، مؤكداً دعم الاتحاد الأوروبي لعملية الانتقال وترحيبه بالتزامات السلطات منذ ديسمبر 2024. بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إن السوريين يخطون خطوات نحو مستقبل أكثر استقرارًا وشمولًا، مجددًا استمرار الدعم الإنساني والسياسي.
شركاء إقليميون يعلنون الالتزام بالتعاون
وحّدت تركيا وقطر وعدة دول عربية رسائلها حول الاستقرار والتعاون الإقليمي. هنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السوريين بعد “سنوات من الظلم والتضحيات الجسيمة”، مؤكدًا أن أنقرة ستدعم وحدة الأراضي السورية ودورها كمركز للأمن الإقليمي. وقالت وزارة الخارجية التركية إنها ستواصل دعم استقرار سوريا “بأقوى شكل ممكن”.
ووصف بيان سفارة قطر في دمشق الذكرى بأنها بداية عصر التعافي، مضيفًا أن سوريا “أدخلت الفرح إلى قلوب العرب والمسلمين وكل أحرار العالم”. وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري محمد الخليفي أن الشراكة بين البلدين “لم تكن يومًا أقوى مما هي عليه اليوم”.
التحول في سوريا فرصة للتجدد
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذكرى بأنها فرصة لإعادة بناء المجتمعات ومعالجة الانقسامات، مشيرًا إلى تقدم في الخدمات وإمكانية الوصول وعودة المهجّرين، وداعيًا المجتمع الدولي إلى دعم انتقال تقوده سوريا نفسها. كما جدد التزام الأمم المتحدة بسوريا حرة وذات سيادة وموحدة.
وربطت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني الاعتراف المتبادل الأخير بين بلدها وسوريا بتجارب مشتركة في النضال، بينما وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سقوط نظام الأسد بأنه “يوم مشرق”، متمنيًا للسوريين الأمن والازدهار.
كما وردت رسائل من الإمارات والسعودية والأردن والكويت وعُمان واليمن، في مؤشر على انخراط إقليمي واسع في مسار الانتقال السوري. وأرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برقية أشاد فيها بالتعاون الثنائي، وذلك عقب زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو في أكتوبر.
ومع استمرار الاحتفالات بين السوريين داخل البلاد وخارجها، يؤكد مسؤولون أن هذه الذكرى تجمع بين الاستذكار وتطلعات المستقبل، وترسم ملامح العام المقبل من مسار النمو الانتقالي المتواصل في سوريا.
