في الأسابيع الأخيرة، صعّدت إسرائيل عملياتها في جنوب سوريا، وحققت مكاسب إقليمية في منطقتي القنيطرة ودرعا، وقامت ببناء سياج أمني.
تبرر الحكومة الإسرائيلية هذه الأعمال بأنها تهدف إلى “منع تسلل المسلحين” إلى مرتفعات الجولان المحتلة.
ومع ذلك، لم يبذل نظام الأسد جهودًا تُذكر لصد هذه التقدمات، على الرغم من اقتراب الدبابات والجرافات الإسرائيلية من الأراضي السورية.
وفقًا للإعلام الإسرائيلي، فإن قوات الدفاع الإسرائيلية (الجيش الإسرائيلي) تقوم ببناء سياج أمني على طول الحدود للحد من تسلل المسلحين المحتملين.
في الأسبوع الماضي، عبرت ست دبابات إسرائيلية من طراز “ميركافا”، ترافقها جرافات عسكرية، الحدود بالقرب من بلدة “كودنة” في ريف القنيطرة.
استولت القوات الإسرائيلية على الأراضي الزراعية وجرفت الحقول وبنت سياجًا من الأسلاك الشائكة على طول طريق جديد يسمى “سوفا 53”. كما حفرت خنادق بعمق يصل إلى سبعة أمتار، وتم إنشاء نقاط مراقبة عسكرية على فترات منتظمة على طول السياج.
ومع ذلك، لم يقم نظام الأسد بأي محاولة لمواجهة هذا التوغل الإسرائيلي، رغم أن القوات الإسرائيلية تعمل على بعد أمتار قليلة من مواقع الجيش السوري.
وأكدت مصادر محلية أن نشاطات الجيش الإسرائيلي تضمنت تدمير بساتين الزيتون وضم الأراضي الزراعية. وأفاد موقع “رابطة حوران” المحلي بأن النظام لم يتخذ أي إجراءات لمواجهة القوات الإسرائيلية، مما أثار تساؤلات حول أولويات النظام.
ونفى الإعلام الرسمي التابع للنظام هذه النشاطات الإسرائيلية في المنطقة.
حيث وصفت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام التقارير حول التوغل الإسرائيلي بأنها “حرب نفسية” تديرها “جهات خارجية معادية”.
وزار محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران بلدة كودنة لنفي هذه الادعاءات، مؤكدًا أن الحياة في المنطقة “طبيعية”.
وصدرت نفيّات مشابهة من مسؤولين آخرين في النظام، مثل خالد أبازة، شخصية في حزب البعث، الذي زعم أن جميع التقارير عن التحركات الإسرائيلية لا أساس لها من الصحة.
لكن هذه النفيّات لم تقنع المراقبين. حيث يرى البعض أن هذه النفيّات محاولة متعمدة لتحويل الانتباه عن تقاعس النظام.
ويعتقد بعض المحللين أن صمت النظام قد يشير إلى تفاهم غير معلن بين دمشق وتل أبيب، أو ربما إلى تردد النظام في الاشتباك عسكريًا مع إسرائيل بسبب ضعف قواته.
بدلاً من الرد على تقدمات إسرائيل في الجولان، ركز النظام جهوده العسكرية نحو الشمال ضد المناطق المحررة.
أعادت قوات النظام، إلى جانب الميليشيات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله، نشر قواتها في شمال سوريا، مستهدفة المدنيين السوريين والفصائل الثورية.
على الرغم من ادعاءات الأسد بأنه جزء من “محور المقاومة” ضد إسرائيل، إلا أن هذه الأعمال تشير إلى اختلاف في الخطاب المعادي لإسرائيل.
هذا التحول في التركيز نحو سوريا الحرة، بدلاً من الدفاع عن حدود البلاد، أثار مخاوف بشأن أولويات النظام الحقيقية.
لعبت الميليشيات الإيرانية، رغم انتمائها الاسمي إلى التحالف المعادي لإسرائيل، دورًا حاسمًا في حملة الأسد الداخلية لاستعادة السيطرة على المناطق المحررة، وخاصة في إدلب والمناطق الشمالية.
كما ركز حزب الله على تأمين الأراضي لصالح الأسد ولمشاريعه الخاصة، بدلاً من مواجهة إسرائيل مباشرة في الجولان.
أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قلقه بشأن التحركات الإسرائيلية في جنوب سوريا، وأصدر تحذيرًا شديد اللهجة بشأن التأثير الإقليمي المحتمل.
وانتقد أردوغان إسرائيل لما وصفه بـ”سياسة توسعية تهدف للوصول إلى دمشق.”
وقال: “احتلال إسرائيل لدمشق سيمزق خريطة سوريا بالكامل”، مؤكدًا أن مثل هذه الأعمال تشكل “تهديدًا خطيرًا لاستقرار المنطقة”.
وحذر أيضًا من أنه إذا وصلت القوات الإسرائيلية إلى شمال سوريا، فإن ذلك سيقربها من الحدود التركية، وهو تطور قال إنه لن تقبله أنقرة.