الاحتلال الإسرائيلي الأخير في جنوب سوريا أثار مخاوف جدية بشأن فشل نظام الأسد وحلفائه في التحرك ضد التوسع الإسرائيلي.
على الرغم من كونهم جزءًا من “محور المقاومة”، الذي يضم إيران وحزب الله، إلا أن النظام السوري ظل صامتًا بشكل لافت إزاء الانتهاكات المستمرة للسيادة السورية من قبل إسرائيل.
تفيد تقارير من مصادر محلية، أكدت عليها قناة تلفزيون سوريا، بأن القوات الإسرائيلية دخلت عدة قرى في محافظة القنيطرة، منها قرية كودنة والعشة.
لم تكتف القوات الإسرائيلية بقصف منطقة السراسا جنوب حضر، بل قامت بجرف الغابات واقتلاع الأشجار المثمرة، وإنشاء خنادق وحواجز ترابية قبل مغادرتها.
هذه التوغلات، التي تشمل بناء طريق ترابي وسياج أمني جديد داخل الأراضي السورية، امتدت لأكثر من 70 كيلو مترًا، وكل ذلك دون أي رد فعل من نظام الأسد، رغم وجود قواته، خصوصًا الفرقة 90، التي كانت في حالة تأهب قصوى في المنطقة.
نفذت إسرائيل ضمًا فعليًا للأراضي السورية، كل ذلك على مرأى من قوات النظام التي لم تتخذ أي إجراء مهم للتصدي لهذه التطورات.
تقتصر سلبية النظام على مجرد التصريحات؛ فبالرغم من تحالفه مع حزب الله وإيران اللذين يدّعيان مقاومة التوسع الإسرائيلي، لم يحرك الأسد قواته ضد هذه التوغلات.
تفيد تقارير من المخابرات العسكرية السورية ونشطاء محليين بأن القادة أمروا وحدات شبه عسكرية بالانسحاب من المناطق القريبة من القوات الإسرائيلية، خصوصًا في ريف القنيطرة الجنوبي.
كما صدرت أوامر للمقاتلين من الفصائل العراقية المدعومة من إيران بعدم الاشتباك مع القوات الإسرائيلية.
وفقًا لمصادر نقلت عنها رويترز، تم إبلاغ هؤلاء المقاتلين صراحة بتجنب المواجهات.
كانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) واحدة من المنظمات القليلة التي أدانت علنًا تصرفات إسرائيل في جنوب سوريا.
منذ منتصف سبتمبر 2024، أفادت الشبكة بحدوث عدة توغلات من القوات الإسرائيلية، بما في ذلك استخدام الدبابات والجرافات والمعدات لحفر الخنادق لاختراق ما يصل إلى 200 متر داخل الأراضي السورية.
تسببت هذه الأفعال في تدمير الأراضي الزراعية، بما في ذلك بساتين الزيتون، وإنشاء نقاط مراقبة على طول الخنادق الجديدة.
وأوضح تقرير الشبكة أن هذه الانتهاكات تتجاوز مسألة الأمن الحدودي؛ بل إنها تشكل أعمال عدوان وسرقة أراضٍ، يسّرها غياب المقاومة من قبل النظام السوري.
انتقدت الشبكة فشل النظام في حماية السيادة السورية، وأشارت إلى أن النظام سمح للميليشيات المدعومة من إيران بالعمل بحرية داخل حدوده بينما يغض الطرف عن الغارات الجوية والتوغلات البرية الإسرائيلية.
وشددت الشبكة على أن هذه السلبية قد تشجع إسرائيل على المزيد من ضم الأراضي السورية، خاصة مع استمرار حالة عدم الاستقرار الإقليمي وانصراف انتباه المجتمع الدولي إلى أزمات أخرى.
حذر السفير الروسي في إسرائيل، أناتولي فيكتوروف، إسرائيل من المخاطر التي تشكلها أنشطتها العسكرية، خاصة التهديد الذي تتعرض له القوات الروسية المتمركزة في سوريا.
وبينما تحافظ موسكو على علاقة معقدة مع إسرائيل، توازن بين التعاون في بعض الجوانب الأمنية والإحباط من العمليات العسكرية الإسرائيلية غير المنضبطة في سوريا.
أعرب فيكتوروف عن مخاوفه عبر القنوات الدبلوماسية، داعيًا إسرائيل إلى التصرف بحذر، خاصة مع تكثيف وجودها العسكري على جبهات متعددة في المنطقة.
وقد انسحبت القوات الروسية من بعض المواقع في سوريا، مثل تل الحارة في درعا، كجزء من تفاهمات غير رسمية مع إسرائيل تهدف إلى تجنب الصراع المباشر بين البلدين.
أما حزب الله، الذي يعمل بشكل علني في جنوب سوريا، فلم يرد على عمليات ضم الأراضي أو التوغلات الإسرائيلية.
وبالمثل، لم تقم إيران، التي تستخدم سوريا كقاعدة لعملياتها، بالكثير لمواجهة التحركات الإسرائيلية في القنيطرة والجولان.
وفقًا للتقارير، فإن هذا عدم الرد جزء من استراتيجية أوسع يتبعها كل من النظام السوري وحلفائه لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل، خاصة في ضوء التوترات الإقليمية بعد اندلاع حرب غزة.