يستعد سكان جنوب سوريا لاحتمال اندلاع حرب جديدة بعد تقدم القوات الإسرائيلية إلى داخل الأراضي السورية.
يعبر المدنيون في المنطقة عن مخاوفهم من أن قراهم قد تنجر إلى صراع متصاعد، مما قد يؤدي إلى المزيد من التهجير والعنف.
على مدى أكثر من عقد، عانى سكان محافظة القنيطرة، المتاخمة لمرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، من موجات من العنف والتهجير، والآن مع تصاعد النشاط العسكري الإسرائيلي بسبب الأعمال العدائية من حزب الله في لبنان، يخشى كثيرون في المنطقة أن تصبح سوريا ساحة المعركة القادمة.
وفقًا لشهادات محلية، قامت القوات الإسرائيلية بتجريف الأراضي الزراعية كجزء من مشروع مثير للجدل لبناء طريق يُعرف باسم “سوفا 53” يمتد إلى داخل الأراضي السورية.
في الأسابيع الأخيرة، أثارت مؤشرات النشاط الإسرائيلي على طول الحدود قلق السكان المحليين.
ووفقًا لتقارير من المنطقة، بدأت القوات الإسرائيلية في تمهيد طريق جديد، يتضمن خنادق ونقاط مراقبة، عميقًا داخل الأراضي السورية.
الاحتمال المتزايد لمزيد من التوغلات الإسرائيلية دفع السكان في المنطقة إلى اتخاذ قرارات صعبة حول البقاء أو الرحيل.
وقال أبو محمد، الذي نزحت عائلته عدة مرات خلال الثورة السورية: “أفضل أن أموت في بيتي على أن أواجه مرارة التهجير مرة أخرى.
ولكن إذا وصلت الحرب إلى هنا، فلن يكون لدينا خيار”.
يبدو أن النشاط العسكري الإسرائيلي في الجولان جزء من استراتيجية أوسع لإنشاء منطقة عازلة على حدودها الشمالية، لا سيما في مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا.
لطالما كانت إسرائيل قلقة من وجود القوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله في جنوب سوريا، حيث تعتبرهم تهديدًا مباشرًا لأمنها.
ومع ذلك، فإن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية أثار تحذيرات دولية.
حذر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف من “عواقب كارثية” محتملة في حال توسع الصراع ليشمل سوريا.
وقال بيسكوف: “للأسف، نطاق الأعمال العدائية يتسع فعليًا.
نرى الآن أن جبهة لبنانية قد أضيفت. هذا يؤدي إلى تدمير البنية التحتية المدنية، وتهجير عشرات بل مئات الآلاف من الناس”. وأضاف أن موسكو ترفض النظر في أي توسع إضافي للعمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن مثل هذه التطورات ستكون كارثية للمنطقة.
وفقًا للمحللين، تهدف تحركات إسرائيل في المنطقة إلى منع إقامة “حزب الله 2” في سوريا، على غرار الجماعة المسلحة في لبنان.
وأشار العميد الركن أسعد الزعبي، محلل عسكري، إلى أن تراجع الدور العسكري الروسي في المنطقة أتاح فرصة لإسرائيل للتوغل أكثر في الأراضي السورية دون مواجهة مقاومة كبيرة.
ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان مؤخرًا إلى شن ضربة استباقية ضد سوريا، مقترحًا أن تحتل إسرائيل جبل الشيخ بالكامل لمنع التهديدات المستقبلية.
وقال ليبرمان: “يجب على نظام الأسد أن يدرك أن السماح باستخدام سوريا كقاعدة لشن هجمات ضد إسرائيل سيكلفه ثمنًا باهظًا”.
الوضع في جنوب سوريا هش منذ سنوات، ويتميز بعنف متقطع وصعوبات اقتصادية مستمرة، لكن التطورات الأخيرة تثير مخاوف من أن يكون هناك مرحلة جديدة من الصراع على وشك الحدوث.
كانت الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف إيرانية وحزب الله داخل سوريا متكررة منذ بداية الثورة السورية، ولكن يعتبر التوغل البري الأخير تصعيدًا كبيرًا.
الوقت فقط من سيحدد ما إذا كانت التوترات الحالية ستتحول إلى صراع أوسع، وقد تجذب سوريا إلى التصعيد الإقليمي الأوسع بين إسرائيل وحزب الله.
أما بالنسبة لسكان القنيطرة، فإن الخوف من التهجير والعنف يظل مألوفًا بالنسبة لهم.