في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل حملتها العسكرية في جنوب لبنان، يسعى الآلاف من المدنيين اللبنانيين واللاجئين السوريين الذين فروا إلى لبنان سابقًا إلى اللجوء في سوريا المجاورة.
ومع ذلك، يواجه الذين يعبرون الحدود إلى سوريا أخطارًا وصعوبات جديدة تحت حكم نظام الأسد.
ورغم أن الأسد أبقى سوريا خارج الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله، فإن حكومته استغلت الأزمة بنشاط للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية.
وهذا خلق تباينًا صارخًا في المعاملة بين اللاجئين اللبنانيين والمواطنين السوريين العائدين، وكلاهما يكافح من أجل البقاء في ظل ظروف صعبة.
المدنيون اللبنانيون الذين يفرون من القصف الإسرائيلي، إلى جانب السوريين الذين لجأوا إلى لبنان قبل سنوات، يعبرون الحدود إلى سوريا بأعداد متزايدة.
ووفقًا لإدارة الهجرة والجوازات التابعة للنظام، دخل البلاد أكثر من 22 ألف لبناني وحوالي 65 ألف سوري عائد بعد الهجمات الإسرائيلية. ومع ذلك، يكشف رد الأسد على هذه الأزمة الإنسانية عن جهد محسوب للاستفادة من الحدث.
في حين أنه أعرب علنًا عن تضامنه مع النازحين، تم اتهام نظامه باستخدام تدفق اللاجئين لاستخراج العملة الأجنبية وكسب التعاطف الدولي.
وبالنسبة للسوريين العائدين، فإن دخول البلاد يأتي بتكلفة عالية – حيث يُطلب منهم تحويل 100 دولار إلى العملة السورية بسعر تحدده الدولة، وهو أقل بكثير من سعر السوق السوداء. ورغم أن هذا الشرط قد تم تعليقه مؤقتًا لمدة أسبوع، إلا أن النظام جمع بالفعل ما يقدر بنحو 50 ألف دولار من الرسوم.
علاوة على ذلك، تعرض اللاجئون اللبنانيون الذين يدخلون سوريا لمعاملة مختلفة عن السوريين. وجاء رد الأسد السريع، الذي تمثل في اجتماعات حكومية طارئة وعروض إعلامية لتوزيع المساعدات الإنسانية، ليبدو وكأنه محاولة لتحسين صورة النظام دوليًا، من خلال إظهار الأسد كمضيف مرحب باللاجئين المحتاجين.
وفي الوقت نفسه، يواجه السوريون العائدون واقعًا أشد قسوة. حيث يتم منع الكثير منهم من دخول المرافق الإيوائية، إذ يعطي نظام الأسد الأولوية لهذه الموارد للاجئين اللبنانيين.
وفي حماة، علق العائدون السوريون في محطات الحافلات لأيام بسبب نقص الوقود ومحدودية وسائل النقل، رغم وعود المحافظ بتوفير الحافلات.
يُترك هؤلاء السوريون، الذين ينحدر العديد منهم من محافظات دير الزور والرقة والحسكة، للنوم في محطات المغادرة دون مأوى كافٍ أو طعام أو تدفئة.
وتم رفض طلباتهم للانتقال إلى الملاجئ، التي تم توفيرها بسهولة للعائلات اللبنانية، مما يبرز تفاوتًا كبيرًا في المعاملة.
صور الأسد تدفق اللاجئين على أنه “عبء يجب على سوريا تحمله”، بينما يستفيد بهدوء من العملة الأجنبية التي يتم توليدها على الحدود ويسعى للحصول على المساعدات الدولية لدعم القادمين.
أما بالنسبة للعائدين السوريين، الذين يخشون الكثير منهم من الانتقام من النظام أو التجنيد الإجباري في الجيش، فإن المستقبل يبدو قاتمًا. إذ يواجه العائدون إلى وطنهم نقصًا في الخدمات الأساسية وتهديدات أمنية مستمرة وسياسات تقييدية من النظام.
وأعربت المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، عن قلقها بشأن تدهور الوضع بسرعة.
ومع حاجة 16.7 مليون سوري بالفعل إلى المساعدات الإنسانية وحلول فصل الشتاء، فإن تدفق اللاجئين يضع ضغطًا إضافيًا على نظام متوتر بالفعل. وحذرت مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن المنطقة لا تستطيع “تحمل عبء أزمات إنسانية إضافية”.