أدى تصاعد العدوان العسكري من قبل قوات نظام الأسد، المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله، إلى إثارة المخاوف بين المحللين وجماعات حقوق الإنسان والمراقبين من عملية عسكرية واسعة النطاق وشيكة في شمال سوريا.
ومع تكثيف النظام لهجماته على المناطق المحررة، وخاصة في حلب وإدلب، يستعد المدنيون وقوات المعارضة لمواجهة كارثة إنسانية محتملة.
ووفقًا لفريق منسقي الاستجابة السورية (SRC)، شهد شمال غرب سوريا زيادة حادة في نزوح المدنيين خلال الأسبوع الماضي، مع فرار الناس من المناطق الريفية القريبة من خطوط الصراع.
في مواجهة الهجمات المستمرة والتهديد بالحرب الكيميائية، كما أشارت إليه التصريحات الروسية الأخيرة، رفعت القوات العسكرية الثورية حالة التأهب تحسبًا لمزيد من الضربات.
أدى التهديد المتزايد بتوسيع العمليات العسكرية في المنطقة إلى نزوح جماعي، حيث تم تشريد 4,280 مدنيًا من حلب وإدلب حتى الآن.
يحاول العديد من هؤلاء النازحين داخليًا الفرار إلى مناطق يُعتقد أنها أكثر أمانًا في شمال سوريا، على الرغم من أن الأمان يبقى غير مؤكد.
بالإضافة إلى النزوح الداخلي، تم تسجيل تدفق كبير للاجئين من الدول المجاورة.
ومع تزايد عدم الاستقرار في لبنان وسعي تركيا لمنع دخول اللاجئين، يضطر السوريون إلى التعامل مع ديناميكيات إقليمية معقدة.
ووفقًا لـ SRC، عبر 11,134 لاجئًا من تركيا إلى سوريا في سبتمبر وحده، مع وصول مئات آخرين يوميًا.
وفي الوقت نفسه، بلغ عدد اللاجئين السوريين الذين دخلوا سوريا من لبنان بين يوليو وسبتمبر 1,867، مع توقعات بزيادة هذا العدد وسط الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان.
أزمة النزوح المتزايدة تفاقم التحديات الموجودة بالفعل في شمال سوريا، والتي تعاني من الاكتظاظ السكاني ونقص الغذاء وارتفاع الإيجارات.
ومع وصول المجتمعات المحلية إلى حدود قدرتها على استيعاب الوافدين الجدد، تواجه المنطقة أزمة سكن حادة تفاقمت بسبب الطلب المتزايد على المأوى المحدود وحلول فصل الشتاء.
ودعا فريق منسقي الاستجابة السورية المنظمات الإنسانية إلى تكثيف الجهود لتقديم الخدمات الأساسية والدعم، محذرين من تزايد الضغوط على الموارد.
وذكر الفريق أن “المنطقة في أقصى طاقتها، والظروف الحالية تجعل من المستحيل على المدنيين تحمل الإيجارات المرتفعة بشكل كبير”.
وتشير تقارير الدفاع المدني السوري، المعروف أيضًا باسم الخوذ البيضاء، إلى أنه بحلول منتصف سبتمبر، تم شن أكثر من 650 هجومًا على شمال غرب سوريا، مع تركيز كبير على شرق إدلب وغرب حلب.
وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل 54 شخصًا، من بينهم 15 طفلًا، وإصابة 245 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
أدى الاستهداف المتعمد للمدارس والمرافق العامة وفرق الإنقاذ إلى تفاقم الأزمة، حيث غالبًا ما تعجز فرق الإنقاذ عن الوصول إلى المحتاجين بسبب القصف المستمر.
ويشير المراقبون إلى أن هذه التكتيكات تهدف إلى زيادة عدد الضحايا المدنيين وتعطيل أي جهود لتقديم المساعدة.
ومع استمرار المدنيين في الفرار من المنطقة، تتزايد المخاوف من موجة جديدة من اللاجئين نحو تركيا أو الأردن أو حتى أوروبا.
يمكن أن يؤدي هذا النزوح إلى زيادة الضغوط على الموارد الدولية وتفاقم العلاقات الدبلوماسية المتوترة حول أزمة اللاجئين المستمرة.
تتعقد الأوضاع أكثر بسبب الكارثة الإنسانية المتفاقمة في لبنان، الذي شهد تدفقًا جديدًا للاجئين وسط الانهيار الاقتصادي.
ومع توقع فرار المزيد من السوريين عبر الحدود في الأشهر المقبلة، يهدد الوضع بالوصول إلى مستويات جديدة من الأزمة.
مع تصاعد العنف والتهديدات بالهجمات الكيميائية، يظل المدنيون في شمال سوريا في موقف محفوف بالمخاطر.
يبدو أن نظام الأسد، الذي يزداد جرأة بدعم من حلفائه، مستعد لاتخاذ المزيد من الإجراءات العسكرية، مما يترك خيارات قليلة للجيوب المحاصرة.