يواجه الشعب السوري مخاطر متزايدة في ظل تصاعد النزاع الإقليمي الذي يؤثر بشكل كبير على أمنهم، وذلك وفقاً لتصريحات باولو بينهيرو، رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة ١ نوفمبر. وقد سلط بينهيرو الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها السوريون سواء داخل سوريا أو خارجها، مؤكداً على “التهديدات المميتة” التي يواجهونها أينما كانوا.
وقال بينهيرو إن العودة إلى سوريا بالنسبة للبعض أصبحت خياراً شبه مستحيل. “هروب السوريين الذين لديهم خوف مبرر من الاضطهاد في وطنهم يعكس الخيارات الصعبة التي يواجهونها”، وأوضح: “هل يغامرون بحياتهم تحت القصف في لبنان، أم يعودون إلى مكان قد يواجهون فيه تهديدات مميتة أخرى؟” وتكشف نتائج اللجنة أن العديد من النساء والأطفال يقومون برحلات محفوفة بالمخاطر إلى سوريا بمفردهم، في حين تدفع حالات الاحتجاز التعسفي والتجنيد الإجباري الرجال البالغين إما للبقاء أو الاستعانة بمهربين للوصول إلى سوريا.
وأشار بينهيرو إلى أن اللجنة تحقق في تقارير عن انتهاكات بحق السوريين العائدين من لبنان، حيث يواجهون تحرشاً وعنفاً عند نقاط التفتيش التي يسيطر عليها مسلحون. تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي سبق أن حذرت فيه منظمات حقوقية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش، من المخاطر التي يواجهها العائدون، مثل الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري.
ورغم اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية، مثل تعليق النظام السوري مؤقتاً لسياسة تفرض على المواطنين العائدين صرف مبلغ ١٠٠ دولار بسعر الصرف الرسمي، إلا أن النظام لا يزال يستغل أزمة اللاجئين. وفي حين يوجد أمل في دور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مساعدة العائدين، أشار بينهيرو إلى وجود عقبات كبيرة تحول دون “عودة آمنة وطوعية”. وتشمل هذه العقبات استمرار التعذيب واختفاء المعتقلين على يد قوات النظام، رغم أن محكمة العدل الدولية أصدرت إجراءات احترازية في نوفمبر الماضي.
وتظهر تحقيقات اللجنة أن المناطق الخاضعة لسيطرة عدة جهات، منها نظام الأسد، قوات سوريا الديمقراطية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وهيئة تحرير الشام، والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، لا تزال تشكل مخاطر كبيرة بسبب استمرار العنف والهجمات على تلك المناطق. وخلال الأسابيع الأخيرة، أسفرت غارات جوية وقصف بري من القوات الروسية وقوات النظام في شمال غرب سوريا عن مقتل ١٢٠ مدنياً على الأقل ونزوح مئات الأسر.
وأعرب بينهيرو عن قلقه من “التدمير والنهب غير المسيطر عليه” لممتلكات اللاجئين والنازحين، مما زاد من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية. وأكد أن إفلات الأطراف المتحاربة من العقاب أدى إلى تطبيع التهاون مع القانون الدولي. وقال: “لقد أصبح الصمت الدولي والاستسلام والإفلات من العقاب أمراً طبيعياً يؤدي إلى تجاهل القانون الدولي وقرارات المحاكم الدولية من قبل الأطراف المتحاربة.”
وطالب رئيس لجنة التحقيق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بإعطاء الأولوية لاحترام القوانين الدولية ووقف دعم أي طرف ضالع في ارتكاب جرائم حرب، داعياً إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحماية الحقوق الأساسية وصون الكرامة في ظل الأزمة المستمرة في سوريا.