
أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ السورية انطلاق المؤتمر الأول للصناعات الدوائية والدراسات السريرية، الذي انعقد اليوم في دار الثقافة والمعارف بمدينة إدلب، تحت شعار: “الصناعة الدوائية من الأزمات إلى البناء”، يهدف المؤتمر إلى دعم قطاع الصناعات الدوائية في شمال غرب سوريا، وتعزيز التعاون بين الباحثين والمصنعين ومقدمي الرعاية الصحية.
يمتد المؤتمر على مدى ثلاثة أيام، ويشكل منصة علمية وثقافية تُناقش أحدث التطورات في إنتاج الأدوية، والبحوث السريرية، والممارسات التنظيمية، كما يتضمن معارض للأجهزة الطبية والكتب، وغرفة محاكاة تستعرض مراحل إنتاج الأدوية، ويشتمل كذلك على صالون طبي ثقافي لمناقشة القضايا الصحية العاجلة، مثل ندوة حول مخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية.
في كلمته الافتتاحية، أكد المهندس “محمد البشير” رئيس وزراء حكومة الإنقاذ، على أهمية الابتكار الدوائي لتحقيق الأمن الصحي، قائلاً: “تأمين الأدوية، وتحسين جودتها السريرية، وتطوير صناعتها، وتوفيرها للمحتاجين هي مسؤولية لا يمكن التخلي عنها.” وأشار إلى أمله في أن يُمهّد المؤتمر الطريق لتعزيز قطاع الصحة وتحقيق الأمن الدوائي.
من جانبه، أوضح الدكتور مازن دخان، وزير الصحة، أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز البحث العلمي ودعم الصناعات الدوائية المحلية. وأضاف: “الصناعة الدوائية ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل تعدّ حجر الزاوية في بناء الأمن الصحي الوطني.” وشدد على التزام الوزارة بتوفير بيئة تنظيمية تُحفّز الابتكار مع ضمان أعلى معايير الجودة والسلامة.
يأتي المؤتمر في وقت حرج، حيث يعاني سكان إدلب من صعوبات في الوصول إلى أدوية فعالة وبأسعار مناسبة، يُلبّي الإنتاج المحلي حاليًا 30% فقط من احتياجات المنطقة، بينما تُستورد النسبة المتبقية وفق ضوابط صارمة للجودة، وتهدف المبادرات الحالية إلى الحد من الاعتماد على الأدوية المستوردة غير الفعّالة وتشجيع التصنيع المحلي لضمان أدوية أكثر أمانًا وتوفرًا.
وفي هذا السياق، صرح إبراهيم الحسني، مدير مراقبة جودة وسلامة الأدوية: “جميع الأدوية المتوفرة حاليًا في الصيدليات تخضع لمعايير صارمة، وهي آمنة، عالية الجودة، وفعّالة.” وأشار إلى أن تبنّي قواعد ممارسات التصنيع الجيد (GMP) أسهم بشكل كبير في الحفاظ على هذه المعايير.
استقطب المؤتمر أكثر من 28 متحدثًا من أكاديميين وخبراء في الصناعات الدوائية من الولايات المتحدة وأوروبا ومصر ومناطق سوريا المحررة، تناولت الجلسات مواضيع متنوعة، من بينها علاجات الأطفال، الاضطرابات العصبية، والابتكارات في تصنيع الأدوية، كما شهد الحدث مشاركة شركات دوائية محلية وتركية، عرضت منتجاتها واستكشفت فرص الشراكة.
يهدف المؤتمر إلى تعزيز ثقة المجتمع المحلي بالأدوية المنتَجة محليًا، إضافة إلى وضع المنطقة على خارطة تصدير الأدوية عالية الجودة، وفي هذا السياق، قال الدكتور دخان: “هذا المؤتمر يُمثل فرصة لعرض الإنجازات التي حققناها في الصناعات الدوائية، وإبراز إمكاناتنا للمساهمة في الأسواق الإقليمية والدولية.”
في استطلاع آراء الشارع في إدلب، عبّر السكان عن مزيج من التفاؤل والقلق حيال توافر الأدوية وأسعارها، أحد السكان قال: “الأدوية موجودة، لكنها مكلفة للغاية.” فيما أشار آخر إلى ضرورة ضمان أن تكون البدائل بنفس جودة الأدوية الأصلية.
من جهته، أقر الدكتور الحسني بهذه التحديات، مؤكداً أن الوزارة تعمل على توسيع الإنتاج المحلي وضبط الأسعار لتحقيق العدالة، يستمر المؤتمر حتى 28 نوفمبر، بهدف إرساء قواعد لصناعة دوائية أكثر استدامة وابتكارًا في شمال غرب سوريا، يُعدّ هذا الحدث خطوة أساسية لمعالجة التحديات الصحية المزمنة، مع دعوة مفتوحة للجمهور للمشاركة والتعرف على إنجازات القطاع الدوائي، والمساهمة في رسم ملامح مستقبله.