
في ظل الصراع المستمر على مستقبل سوريا، تواصل الفصائل الثورية مواجهتها العنيفة ضد نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران، تستمر عملية “رد العدوان” في مدن وقرى حلب وحماة، سعيًا لتحرير المناطق المحتلة وحماية المدنيين، في المقابل، تواصل قوات النظام، بدعم من الطيران الروسي، استهداف المدن والبلدات السورية، متجاهلة حياة المدنيين، بهدف فرض السيطرة ومعاقبة السكان.
وصف الدفاع المدني السوري، المعروف بـ”الخوذ البيضاء”، هذه الهجمات بأنها الأعنف خلال الأيام الأربعة الأخيرة، إذ قُتل 31 مدنيًا، بينهم 10 أطفال و4 نساء، وأُصيب 113 آخرون، بينهم 44 طفلًا و22 امرأة، وذلك بين الأربعاء والسبت.
اليوم، الأحد 1 ديسمبر، تصاعدت حصيلة الضحايا بشكل ملحوظ بعد أن شنت الطائرات الروسية ثماني غارات على مدينة إدلب، مما أدى إلى مقتل 4 مدنيين وإصابة 54 آخرين، بينهم 25 طفلًا و16 امرأة، شهدت إدلب النصيب الأكبر من الهجمات، حيث استهدفت طائرات النظام الأحياء السكنية، مخيمات النازحين، المرافق الصحية، والأسواق، ومن بين الضحايا، متطوع من الخوذ البيضاء، سليمان سليمان، الذي لقي حتفه أثناء تأدية مهام الإنقاذ.
أفاد المسعفون بمشاهد الفوضى والرعب، حيث حولت الغارات الجوية المناطق المكتظة بالسكان إلى مناطق منكوبة، أُغرقت المستشفيات بالمصابين، العديد منهم في حالة حرجة، مع توقعات بارتفاع عدد الضحايا مع استمرار عمليات الإنقاذ.
استهدفت قذائف مدفعية قوات النظام بلدة فريكة ومدينة جسر الشغور غربي إدلب، مما أسفر عن مقتل مدني وإصابة ثلاثة آخرين، كما شهدت منطقة كفرنبل، جنوب إدلب، مقتل مدني آخر جراء القصف المدفعي، بينما أسفرت الهجمات الصاروخية على جسر الشغور عن إصابات إضافية، وشنّت الطائرات الحربية غارات على أطراف مدينة إدلب.
في حلب، تعرضت قرية حران قرب تادف لغارات جوية السبت، أسفرت عن مقتل 3 مدنيين، بينهم امرأة وطفل، وإصابة 6 آخرين، أما في مارع شمال حلب، فقد دمرت الغارات المباني السكنية، محاصرةً المدنيين تحت الأنقاض، تمكنت فرق الخوذ البيضاء من إنقاذ خمسة أفراد من عائلة واحدة، بينهم أربعة أطفال وامرأة، فيما أُصيبت امرأة أخرى في ذات الهجوم.
استهدفت قوات النظام، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، أحياءً سكنية في تادف والباب بالقصف المدفعي والصاروخي، كما تعرض مصنع أدوية في قرية المنصورة غربي حلب لحريق هائل جراء القصف.
وفي مدينة حلب، وقعت مجزرة مروعة إثر غارات جوية استهدفت منطقة مكتظة بالسكان، ولا تزال حصيلة الضحايا غير مؤكدة، إلا أن التقارير تشير إلى إصابة عشرات المدنيين.
منذ بداية العام، استجابت فرق الدفاع المدني لـ922 هجومًا شنته قوات النظام وروسيا شمال غرب سوريا، أسفر عن مقتل 85 مدنيًا، بينهم 21 طفلًا، وإصابة 416 آخرين، بينهم 158 طفلًا و56 امرأة.
هذه الهجمات استهدفت البنية التحتية المدنية، بما يشمل مخيمات النازحين، المستشفيات، المدارس، والأسواق، مما خلق حالة من الرعب وأعاق جهود الإغاثة الإنسانية.
أكدت الخوذ البيضاء أن هذه الهجمات “متعمدة”، محذرة من أن “المجازر تتكرر يوميًا”، منتقدة غياب المحاسبة الدولية للفاعلين.
وأشارت إلى أن استمرار التصعيد يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية، مما يعرّض آلاف المدنيين للخطر، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل ومحاسبة النظام السوري وروسيا على انتهاكاتهم للقانون الدولي.
في المقابل، تركز الفصائل الثورية، بقيادة إدارة العمليات العسكرية، على الأهداف العسكرية كمنشآت النظام وخطوط الإمداد والقوافل العسكرية، متجنبة استهداف المدنيين، ورغم تعرضهم لهجمات متكررة، امتنعوا عن الرد على المناطق المدنية.
ومع استمرار النزاع، يتضح الفرق في نهج الطرفين، بينما تزداد الدعوات الدولية للعدالة والمساءلة، رغم غياب التحرك الفعلي حتى الآن.