
حققت القوات الثورية، التي تقود حملة “ردع العدوان”، تقدماً كبيراً في محافظة حماة، حيث سيطرت على العديد من البلدات والقرى الاستراتيجية. وقد بدأت الحملة كرد على الغارات الجوية والهجمات التي يشنها النظام ضد المدنيين، مما أدى إلى تغيير التوازن العسكري والسياسي في شمال سوريا.
نجحت الحملة في تحرير مناطق رئيسية، من بينها رحبة التسليح، معرشحور، طيبة الإمام، وحلفايا، بينما انسحبت بعض عناصر النظام من أجزاء من مدينة حماة باتجاه مدينة السلمية. تزامن الانسحاب مع إزالة النظام أموالاً ووثائق من البنوك المحلية وإغلاق مكاتب الصرافة.
وأكد عامر الشيخ، القائد البارز في إدارة العمليات العسكرية للثورة، زخم الحملة وأهدافها، مشدداً على أنها تسعى إلى: “تأمين عودة النازحين، وإنهاء الفساد والطغيان، وبناء سوريا جديدة تستوعب جميع أبنائها”. وأوضح الشيخ أن كتائب الشاهين استهدفت أيضاً مطار حماة العسكري، الذي يُعد مركزاً للغارات الجوية على المناطق المدنية في إدلب وحلب.
من جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء تصاعد العنف في شمال سوريا، ووصفت اليومين الماضيين بأنهما الأكثر عنفاً في تاريخ المنطقة الحديث. ودعا مسؤولو الأمم المتحدة إلى حماية المدنيين والبنية التحتية وسط مخاوف من أزمة إنسانية متفاقمة.
وحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظام الأسد على الانخراط في عملية سياسية جدية لمنع مزيد من التصعيد. في المقابل، اتهم علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، تركيا بالوقوع في “فخ” نصبته الولايات المتحدة وإسرائيل، مؤكداً استمرار دعم إيران لنظام الأسد. وفي الوقت نفسه، جددت قطر تأكيدها على أهمية الحل السياسي لإنهاء الأزمة السورية، مشددة على التعاون مع الشركاء الإقليميين، ومن المقرر أن تستضيف محادثات مع ضامني عملية أستانا خلال الأيام المقبلة.
وأشار الشيخ إلى أن المناطق المحررة حديثاً تشهد تحسناً في الإدارة وظروف المعيشة، مع إصدار توجيهات صارمة للمقاتلين الثوريين لاحترام حقوق المدنيين. وأكد أن أي انتهاكات تُواجه بحزم لضمان الأمن والعدالة. كما دعا جنود النظام إلى الانشقاق، متعهداً بضمان سلامتهم، ومعلناً أن: “عهد الأسد قد انتهى”.
تُعد حماة مركزاً عسكرياً ولوجستياً مهماً، حيث تربط بين شمال وجنوب سوريا وتصل بين دمشق وحلب. والسيطرة على المدينة ستعطل بشكل كبير طرق إمداد النظام وتُعزل معاقل رئيسية في جبال العلويين وطرطوس.
وأعادت مكاسب الثورة في حماة إحياء الأهمية التاريخية للمدينة، التي كانت موقعاً لمجزرة وحشية عام 1982 في عهد حافظ الأسد، مما ترك أثراً عميقاً في المجتمع السوري. بالنسبة للكثيرين، يُعد تحرير المدينة رمزاً لرفض أوسع لعقود من القمع والقبضة الحديدية لعائلة الأسد.
على الرغم من التقدم السريع، تواجه الثورة تحديات عديدة. لا يزال النظام يشن غارات جوية على المناطق السكنية في حلب وإدلب، مما يزيد من مخاوف سقوط ضحايا مدنيين. وفي الوقت نفسه، أفادت تقارير عن حشد تعزيزات عسكرية للنظام في محيط مدينة حماة.
جذبت حملة “ردع العدوان” اهتمام القوى العالمية التي لها مصالح في سوريا، ومن المرجح أن تؤثر التطورات في حماة على الديناميكيات الإقليمية والمفاوضات السياسية الأوسع المتعلقة بالصراع السوري.
مع مرور كل يوم، تعيد القوات الثورية تشكيل المشهدين العسكري والسياسي في شمال سوريا. وتمثل نجاحاتها في حماة خطوة مهمة نحو تحقيق أهدافها المعلنة، لكن التحديات لا تزال قائمة مع إعادة تجميع قوات النظام وحلفائه.
بالنسبة لسكان حماة، تقدم هذه التطورات بارقة أمل في التحرر واستعادة العدالة بعد سنوات من القمع. ومع ذلك، يعتمد مستقبل المدينة على الدعم المستمر، والإدارة الفعالة، والجهود المتواصلة لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعبها.