
ألقى رائد الصالح، مدير الدفاع المدني السوري المعروف بـ”الخوذ البيضاء”، خطابًا مؤثرًا خلال جلسة خاصة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن سوريا، مساء الثلاثاء، ورغم اعتراضات أولية من روسيا والصين، استعرض الصالح الأزمة الإنسانية المستمرة نتيجة الضربات الجوية والهجمات التي يشنها نظام الأسد وحليفه الروسي.
وقال الصالح: “لا مكان لممثلي النظام الكيميائي في مجلس الأمن، بل يجب أن يكونوا أمام محكمة الجنايات الدولية على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري على مدار 14 عامًا.”
وقدم الصالح صورة قاتمة للوضع في سوريا، موضحًا وقوع 275 هجومًا خلال ستة أيام أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 100 مدني، بينهم 25 طفلًا، وإصابة أكثر من 360 آخرين، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف وسط تصاعد العنف في المناطق المحررة شمال سوريا.
وأضاف الصالح: “كان يوم أمس من أكثر الأيام دموية منذ سنوات”، مشيرًا إلى استهداف المدارس والمستشفيات ومخيمات النازحين بشكل متعمد. ولفت إلى قصف أربعة مستشفيات في إدلب، بينها مستشفى للأمومة، مما أدى إلى وفاة مريضين بعد تعطل الأجهزة الطبية نتيجة الضربات، واصفًا هذه الجرائم بأنها “انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي”.
وانتقد الصالح المجتمع الدولي لتقاعسه، متهماً مجلس الأمن بالفشل في حماية الشعب السوري لأكثر من عقد، وأكد أن الأزمة سياسية وليست إنسانية، مطالبًا باتخاذ إجراءات فورية لدفع الحل السياسي وفق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن.
وأشار الصالح إلى أن “سوريا أصبحت ساحة اختبار للإفلات من العقاب”، رابطًا بين ما يحدث في سوريا والنزاعات في أوكرانيا والسودان وغزة، حيث شجع غياب المحاسبة مرتكبي الجرائم على ارتكاب المزيد من الفظائع.
ودعا المجتمع الدولي إلى حماية المدنيين، ووقف الهجمات على البنية التحتية الحيوية، ووضع جدول زمني واضح للانتقال السياسي يشمل تفكيك شبكات المخدرات وطرد الميليشيات العابرة للحدود.
واعترض المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا على دعوة الصالح للجلسة، مدعيًا أنها تمت دون استشارة مناسبة، ورغم محاولة روسيا منع مشاركته، صوّت 11 عضوًا في مجلس الأمن لصالح الاستماع إليه، بينما عارضت روسيا والصين، وامتنعت الجزائر وموزمبيق عن التصويت.
وردًا على الاتهامات الروسية، قال الصالح: “يستحق الشعب السوري أن يتم تمثيله في هذا المجلس بمن يمثلهم”، مؤكدًا حيادية الخوذ البيضاء والتزامها بخدمة جميع السوريين دون تمييز.
واختتم الصالح كلمته بالدعوة إلى دعم تطلعات الشعب السوري للحرية والعدالة، وندد بنظام الأسد لتحويل البلاد إلى مركز للميليشيات الإرهابية وإنتاج الكبتاغون، وقال: “حضارة سوريا تمتد لسبعة آلاف عام، لكن نظام الأسد حولها إلى معبر للإرهاب ومركز لتصنيع وتجارة المخدرات.”
وفي ختام حديثه، أشاد الصالح بصمود السوريين في جميع المناطق، قائلاً: “لن يتخلى الشعب السوري عن حقه في العدالة أو حلمه ببناء وطن كريم يسوده السلام.” مؤكدًا الحاجة الملحة إلى تحرك دولي حاسم لتحقيق العدالة والمساءلة والسلام في البلاد التي مزقتها الحرب.