
مع تقدم قوى الثورة في سوريا، تزايدت ردود الفعل الإقليمية والدولية، مما أبرز التحالفات والمخاوف والانقسامات العميقة بشأن مصير نظام بشار الأسد.
وأكدت حكومة الإنقاذ السورية، التي تدير معظم المناطق المحررة، على الطبيعة الشاملة للثورة. وأعلنت إدارة الشؤون السياسية في بيان: “هذه الثورة ليست حربًا أهلية أو طائفية”، مؤكدة التزامها بحماية الطوائف وتسهيل العودة الآمنة للنازحين السوريين. كما ندد البيان برواية الأسد عن “مكافحة الإرهاب”، مشيرًا إلى استهدافه المتكرر للمدنيين والبنية التحتية المحمية كدليل على يأس نظامه.
وتواصل القوى الثورية حملتها المسماة “ردع العدوان”، حيث تمكنت من السيطرة على حلب وإدلب ومعظم مناطق حماة، مع تقدمها نحو حمص. وأكد المتحدثون باسم الثورة أن قضيتهم تستند إلى تطلعات الشعب السوري للحرية والكرامة والعدالة، ورفضوا الانقسامات الطائفية التي يفرضها الأسد وحلفاؤه.
وفي مواجهة نكسات عسكرية غير مسبوقة، لجأ الأسد إلى داعميه الإقليميين. وتعهد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بزيادة الدعم العسكري، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والصواريخ والمستشارين. وتأتي هذه المشاركة المتزايدة لطهران بالتزامن مع تقارير عن وصول تعزيزات من حزب الله اللبناني إلى حمص لتعزيز دفاعات النظام. وقال عراقجي: “نحن مستعدون للرد على طلبات دمشق”، في إشارة إلى قلق طهران من فقدان نفوذها في سوريا.
وفي العراق، ظهرت انقسامات بشأن التدخل العسكري لدعم الأسد. ففي حين ألمح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى إمكانية التدخل، حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من تورط العراق في سوريا. وفي الوقت نفسه، واصلت الميليشيات المرتبطة بإيران، بما في ذلك كتائب حزب الله، دعمها الصريح لنظام الأسد.
وكان من المقرر أن يعقد اجتماع طارئ للجامعة العربية لمعالجة الديناميكيات المتغيرة بسرعة، حيث كان متوقعًا أن تدعم مصر والأردن والإمارات الأسد دبلوماسيًا. ومع ذلك، تم تأجيل الاجتماع بسبب التطورات الجارية.
من جانبه، دعا القائد الثوري أبو محمد الجولاني القوى الإقليمية إلى إعادة النظر في تحالفاتها. وقال: “الشعب السوري يقاتل من أجل حقوقه، وليس من أجل إشعال صراعات خارجية”، داعيًا العراق إلى منع ميليشياته من التدخل.
أما روسيا، الحليف الدولي الرئيسي للأسد، فقد أعربت عن قلقها إزاء التقدم الثوري. وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف استمرار التقييمات والحوار مع دمشق، لكنه تجنب الالتزام بتقديم دعم ميداني جديد. من جانبه، شدد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على أهمية الاستقرار، مشيرًا إلى الاجتماع المرتقب في الدوحة مع المسؤولين الأتراك والإيرانيين.
وقال لافروف: “الأحداث الحالية تظهر الحاجة إلى العودة إلى مبادئ عملية أستانا”، مجددًا اهتمام روسيا بالحفاظ على وجودها العسكري، مع الإشارة إلى قلقها المتزايد بشأن قدرة الأسد على الاحتفاظ بالسيطرة.