
تناقش الولايات المتحدة والأمم المتحدة إمكانية إزالة “هيئة تحرير الشام” (HTS) من قوائم المنظمات الإرهابية الخاصة بهما، لكن القرار يعتمد على شروط صارمة. وفقًا لمسؤولين أمريكيين، حددت إدارة بايدن أربعة مطالب رئيسية يجب أن تلبيها الهيئة لإعادة النظر في حذفها من القائمة: ضمان الحقوق السياسية، تأمين تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، إظهار التزام قوي بمكافحة الإرهاب، ومعالجة المخاوف المتعلقة بمخزون الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وقد عبر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، عن مواقف مماثلة، مشددًا على أن إزالة الهيئة من قائمة الإرهاب لن يكون قرارًا أحادي الجانب، بل سيعتمد على أفعالها. وأكد بيدرسن أن الهيئة يجب أن تُظهر استعدادها للانخراط في عملية سياسية شاملة مع إعطاء الأولوية لحماية المدنيين. وقال: “إزالة هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب يعتمد على سلوكها وسلوك الجماعات الأخرى”.
ظهرت هيئة تحرير الشام في عام 2017 كتحالف من فصائل ثورية، بما في ذلك “جبهة النصرة” المرتبطة بتنظيم القاعدة، وصُنفت كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة في عام 2018. وعلى الرغم من إعلانها فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وُجهت للهيئة اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، ما أثار قلق الحكومات الغربية. لكن تقارير حديثة تشير إلى أن الهيئة تحاول إعادة تصنيف نفسها كسلطة محلية حاكمة في سوريا، متخذة مسافة عن جذورها الجهادية.
وقد أقر المسؤولون الأمريكيون بمحاولات الهيئة لتقديم صورة أكثر اعتدالًا. وصرح مسؤول رفيع في إدارة بايدن، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أن الولايات المتحدة “تراقب الوضع عن كثب” وتظل منفتحة على إعادة تقييم تصنيف الهيئة إذا أظهرت “تقدمًا ملموسًا” نحو تلبية المطالب الدولية. وقال المسؤول: “هيئة تحرير الشام تقول وتفعل الأمور الصحيحة حتى الآن، ولكن هذا جزء من صورة أكبر”.
كما أكدت الولايات المتحدة أن الرقابة على الأسلحة الكيميائية السورية لا تزال أولوية قصوى. وأعرب الخبراء عن ثقتهم في أن الوضع تحت السيطرة، لكن واشنطن تسعى للحصول على ضمانات من الهيئة وفصائل المعارضة الأخرى لمنع أي استخدام محتمل لهذه الأسلحة.
اكتسبت المناقشات زخمًا بعد سقوط نظام الأسد والصعود السريع للفصائل الثورية، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، في دمشق. وقد خلق انهيار نظام بشار الأسد فرصًا وتحديات جديدة للدبلوماسية الدولية في سوريا. وبينما لا تزال بعض الأطراف الغربية متوجسة من تاريخ الهيئة، يرى آخرون فرصة لتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال التواصل مع الهيئة، بشرط التزامها بالمعايير الدولية للحكم وحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من محاولات الهيئة لتغيير صورتها، لا تزال الأمم المتحدة حذرة. وأكد بيدرسن أن إزالة الهيئة من القائمة “لن تكون مجانية” وستعتمد على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها نحو انتقال سياسي شامل ومستقر. بالإضافة إلى ذلك، ستخضع امتثال الهيئة للمبادئ الإنسانية الدولية لمراقبة دقيقة.
يمثل احتمال إزالة هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب تحولًا كبيرًا في السياسة الغربية، لكنه أيضًا يبرز تعقيد الوضع على الأرض في سوريا. وقد أثار قائد الهيئة، أحمد الشرع، المعروف بأبو محمد الجولاني، جدلاً واسعًا بسبب علاقاته السابقة بتنظيم القاعدة. وقد تواجه جهود الهيئة لكسب الشرعية معارضة من بعض الأطراف الدولية وتشككًا من المدنيين السوريين.
ورغم أن إدارة بايدن لم تستبعد التعامل مع الهيئة، إلا أن المسؤولين يؤكدون أن الإزالة من القائمة لن تحدث إلا إذا استوفت الهيئة الشروط المحددة. وحتى الآن، تظل هيئة تحرير الشام تحت مراقبة دقيقة بينما تسعى للتحول من التمرد إلى الحكم في سوريا المحررة.