
تعهدت الحكومة الانتقالية بدمشق بالسعي لتحقيق العدالة عن عقود من الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد، بما في ذلك جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، والانتهاكات الواسعة ضد المدنيين. ومع دخول البلاد حقبة جديدة عقب انهيار النظام، وعد المسؤولون بمحاسبة الجناة مع تعزيز المصالحة لأولئك الذين لم يتورطوا في أعمال عنف.
وأكد قائد إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، هذا الالتزام في وقت سابق من هذا الأسبوع، مشددًا على أهمية تحقيق العدالة مع الموازنة بين المساءلة والتسامح. وقال الشرع في تصريحات صحفية: “لن نتردد في محاسبة المجرمين والقتلة وضباط الأمن والجيش المتورطين في تعذيب الشعب السوري”. كما أبرز الجهود المبذولة لتحديد أماكن الأفراد الذين فروا من سوريا لتجنب الملاحقة القضائية وتسليمهم.
وفي خطوة نحو الشفافية، أعلن عن خطط لنشر قائمة تضم أسماء المسؤولين الكبار المتورطين في التعذيب والجرائم الأخرى. وستقدم الحكومة مكافآت مالية للأشخاص الذين يقدمون معلومات موثوقة عن أماكن هؤلاء المطلوبين.
وأضاف: “سنلاحق مجرمي الحرب ونطالب بتسليمهم من الدول التي فروا إليها ليتم محاكمتهم وتحقيق العدالة بحقهم”. وفي الوقت ذاته، منحت الحكومة الانتقالية العفو للأفراد الذين خدموا في أدوار إلزامية ولم يشاركوا في الفظائع. وقال: “دماء الشهداء الأبرياء وحقوق المعتقلين أمانة لن نسمح بإضاعتها أو نسيانها”.
تزامن الإعلان مع استكمال الدفاع المدني السوري عمليات البحث عن المعتقلين في سجن صيدنايا، وهو موقع اشتهر بدوره في التعذيب المنهجي والإعدامات خارج نطاق القانون. ولم تُكتشف أي زنازين أو معتقلين جدد، لكن المسؤولين وصفوا الموقع بأنه تذكير مؤلم بإرث النظام الوحشي.
وتواجه قوات الأمن تحديات كبيرة، بما في ذلك تفكيك ما تبقى من البنية التحتية الإجرامية للنظام السابق. وأكد قائد إدارة العمليات العسكرية، الشرع، أن “ركائز” النظام، وهي مجموعة مكونة من حوالي 2000 ضابط كبير وعناصر استخباراتية وأشخاص متورطين في الفساد والعنف، لا تزال محور التركيز. وحذر من أن هؤلاء الأفراد قد يحاولون تخريب الجهود الجارية لتحقيق الاستقرار في البلاد.
ودعت الحكومة السورية الانتقالية المجتمع الدولي إلى المساعدة في تحقيق العدالة في سوريا. وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانًا حثت فيه روسيا على إعادة النظر في قرارها منح اللجوء للدكتاتور السابق بشار الأسد. وأكدت الشبكة أن منح اللجوء للأسد يتعارض مع الالتزامات الدولية بمحاسبة مجرمي الحرب.
وأشارت الشبكة إلى أنه بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، يُستثنى الأفراد المتهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من الحماية بموجب اللجوء. وقالت الشبكة: “الأسد مسؤول عن قتل أكثر من 202,000 مدني، بمن فيهم 15,000 ماتوا تحت التعذيب”. وشددت على أهمية تسليم الأسد إلى سوريا لمحاكمة عادلة وفقًا للمعايير الدولية.
وأثار قرار الكرملين منح الأسد اللجوء على “أسس إنسانية” انتقادات حادة من قبل دعاة حقوق الإنسان. وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق شخصيًا على عرض اللجوء، وهي خطوة يراها كثيرون لفتة سياسية أكثر منها قانونية.