
عينت تركيا برهان قور أوغلو، سفيرها السابق في موريتانيا، قائمًا بالأعمال في سفارتها بدمشق، في إشارة إلى إعادة ترتيب محتملة للعلاقات مع سوريا. وأعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، القرار يوم الخميس، مؤكدًا جهود أنقرة المستمرة لمعالجة الأزمة السورية عبر إجراءات دبلوماسية وأمنية وإنسانية.
وكانت السفارة التركية في دمشق قد أغلقت منذ مارس 2012، عندما أوقفت تركيا علاقاتها ردًا على قمع نظام الأسد للمتظاهرين السلميين خلال المظاهرات الشعبية في سوريا. وقد أعادت التطورات الأخيرة، بما في ذلك سيطرة القوات الثورية على دمشق ونهاية هيمنة حزب البعث وعائلة الأسد، تشكيل المشهد السياسي.
وذكرت مصادر لوكالة رويترز أن رئيس المخابرات التركية، إبراهيم قالن، زار دمشق هذا الأسبوع. وشملت الزيارة جولة في الجامع الأموي التاريخي وسط إجراءات أمنية مشددة، في خطوة نادرة لمشاركة مسؤولين أتراك رفيعي المستوى مباشرة داخل الأراضي السورية منذ بدء الصراع قبل نحو 14 عامًا.
وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان التزام تركيا بدعم الشعب السوري والحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب. وفي حديثه عن نهج أنقرة، شدد أردوغان على خطط العودة الطوعية والكريمة للاجئين السوريين مع إعطاء الأولوية لجهود إعادة الإعمار لتسهيل اندماجهم من جديد.
وقال أردوغان: “تركيا لن تتسامح مع أي تنظيم يهدد أمنها الوطني”، في إشارة إلى تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني (PKK) اللذين تصنفهما أنقرة ككيانات إرهابية. كما دعا أردوغان المجتمع الدولي إلى تعزيز الجهود لاستقرار سوريا وإعادة إحياء مؤسساتها.
وخلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في أنقرة، حدد فيدان أهداف تركيا، مؤكدًا أهمية منع الجماعات الإرهابية من تأسيس موطئ قدم لها في سوريا وضمان استقرار المنطقة. وقال فيدان: “أجرينا مناقشات تفصيلية حول المخاوف المشتركة والحلول المحتملة لضمان عدم تحول سوريا إلى ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية”.
ويعكس الحوار الجاري استراتيجية تركيا في تحقيق توازن بين أولوياتها الأمنية الوطنية والاستقرار الإقليمي الأوسع. وتظل إعادة الإعمار في سوريا، وعمليات مكافحة الإرهاب، ومعالجة أوضاع السوريين النازحين محورية في أهداف السياسة الخارجية لأنقرة.
ويعد تعيين قور أوغلو خطوة حذرة لكنها ذات دلالة في تواصل تركيا مع سوريا. ويتمتع قور أوغلو بخلفية أكاديمية في العلاقات الدولية والتعاون الإقليمي، ومن المتوقع أن يعزز الحوار حول المخاوف الأمنية المشتركة، لا سيما تلك الناجمة عن الجماعات التي تنشط على طول الحدود الجنوبية لتركيا. ومع دخول تركيا هذه المرحلة الدقيقة من التفاعل، يراقب المحللون عن كثب أي مؤشرات على تقارب أوسع أو تغيرات في سياستها تجاه الدولة التي مزقتها الحرب.