
لقد برزت تركيا وقطر كحليفين رئيسيين للحكومة الانتقالية السورية، حيث تعهدتا بالمساعدة في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في الدولة التي مزقتها الحرب بعد سقوط نظام بشار الأسد. وقد أكدت الدولتان الداعمتان الثابتتان للثورة السورية، التزامهما تجاه الشعب السوري من خلال تقديم المساعدات الإنسانية، وتطوير البنية الأساسية، والدعم السياسي.
الالتزام بالاستقرار
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها في أنقرة، على دعم تركيا طويل الأمد للثورة السورية والتزامها الثابت بمساعدة سوريا في إعادة البناء.
وقال أردوغان “في الثامن من ديسمبر/كانون الأول بدأ عصر جديد في سوريا بتحرير دمشق وهروب الأسد وانهيار نظام البعث. وستدعم تركيا وقطر جهود سوريا لمداواة جراحها والوقوف على قدميها من جديد”.
وأكد أردوغان أن تعاون تركيا مع إدارة حكومة سوريا الجديدة بقيادة أحمد الشرع سيشمل إعادة بناء البنية التحتية الحيوية والحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومعالجة التحديات الأمنية. وقال: “سوريا المستقرة تعني مصدر أمن للمنطقة بأكملها”، مؤكداً أن أنقرة ستواصل إعطاء الأولوية لوحدة وسلامة أراضي سوريا.
الدعم الإنساني والاقتصادي القطري
كما اتخذت قطر خطوات مهمة لدعم تعافي سوريا، حيث قام محمد بن عبد العزيز الخليفي وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري مؤخراً بزيارة دمشق للقاء القادة السوريين، ومن بينهم أحمد الشرع. وخلال الزيارة، تعهد الخليفي بدعم قطر الكامل لجهود إعادة الإعمار والاستقرار في سوريا. وقال الخليفي: “إن هذه المرحلة تتطلب تضافر الجهود لإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب وبناء مستقبل يليق بتطلعات الشعب السوري”.
وأعلنت قطر عن خطط لاستئناف الرحلات الجوية المباشرة بين الدوحة ودمشق، ومن المتوقع أن تكون الخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية التركية من بين أولى شركات الطيران التي ستبدأ العمل. كما بدأ صندوق قطر للتنمية محادثات لضمان التنفيذ الفعال للمساعدات الإنسانية ومشاريع تطوير البنية التحتية.
وبالإضافة إلى ذلك، أطلق الهلال الأحمر القطري مبادرات متعددة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة في سوريا، بما في ذلك المساعدات الطبية لمرضى الكلى والمساعدات الغذائية لأسر الأيتام في شمال سوريا.
جهود إعادة الإعمار المنسقة
وتعمل تركيا وقطر على التنسيق مع الحكومة الانتقالية السورية لإعادة فتح المرافق الحيوية، بما في ذلك مطار دمشق الدولي. وقد قامت فرق فنية تركية وقطرية بتقييم احتياجات المطار، ووعدت بتقديم الدعم السريع لرفعه إلى المعايير الدولية.
وأقر أشهد الصليبي، مدير تنسيق شؤون المطارات السورية، بالتحديات التي فرضتها سنوات من الإهمال والتخريب في ظل نظام الأسد، لكنه أعرب عن تفاؤله بشأن التقدم. وقال: “نحن نعمل ليل نهار لإعادة فتح المطار، ونحن على ثقة من استئناف الرحلات الدولية قريبًا”.
رؤية مشتركة
وتشارك الدولتان في رؤية مشتركة لسوريا مستقرة ومزدهرة. وأكد أردوغان على الحاجة إلى التعاون الدولي، داعياً الدول العربية والإسلامية إلى دعم تعافي سوريا. وقال: “السوريون يتوقعون ويستحقون هذا التضامن”.
وتحدث السفير القطري ماجد الأنصاري عن الحاجة إلى عملية سياسية بقيادة سورية ودعم دولي لإعادة بناء المؤسسات وضمان الاستقرار. وقال: “لقد وقفت قطر دائما إلى جانب الشعب السوري، وسنواصل القيام بذلك بينما يعمل من أجل مستقبل أكثر إشراقا”.
التحديات المقبلة
ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات كبيرة، بما في ذلك التغلب على إرث العقوبات، وإعادة بناء البنية الأساسية المدمرة، والحفاظ على الأمن. ويوفر الدعم المنسق من جانب تركيا وقطر الأساس للتقدم، ولكن التعاون الدولي الأوسع نطاقا سيكون ضروريا لتعافي سوريا على المدى الطويل.
ومع تحول سوريا إلى صفحة جديدة في تاريخها، فإن تفاني حلفاء مثل هؤلاء سيكون محوريًا في مساعدة البلاد على الانتقال من الصراع إلى السلام والازدهار.