تشهد محافظتي طرطوس واللاذقية الساحليتين اضطرابات بسبب تحريض فلول نظام الأسد السابق على العنف والتوتر الطائفي وسط تحريض إيراني. فيما ترد السلطات السورية بحملات أمنية واسعة النطاق لاستعادة الاستقرار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين.
حملات أمنية جارية
أعلن مدير الأمن العام في اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي أن القوى الأمنية أطلقت عمليات محددة في مختلف مناطق المحافظة بعد انتهاء المهلة الممنوحة لتسليم الأسلحة وتسوية الأوضاع.
وأضاف الكنيفاتي أن “هذه الحملات استهدفت زعماء العصابات الإجرامية وأفرادها الذين أرعبوا المواطنين وسرقوا ممتلكاتهم وابتزازهم، ونتعهد بالتحرك بحزم ضد التهديدات التي تستهدف أمن المواطنين ومحاسبة مجرمي الحرب الهاربين”.
وتم القبض على عدد من زعماء العصابات، ومصادرة المسروقات وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، وأكد الكنيفاتي أن جهاز الأمن العام ملتزم بملاحقة كل الهاربين الذين رفضوا تسليم أنفسهم.
تصعيد العنف
تصاعدت حدة التوتر في قرية خربة الموزعة بطرطوس، حيث نصب فلول قوات الأسد كميناً لعناصر من إدارة العمليات العسكرية، وأسفرت الاشتباكات عن سقوط ضحايا بين عناصر الإدارة وقوات الأمن العام، حيث قُتل 14 عنصراً من وزارة الداخلية وأصيب 10 آخرون في كمين منفصل.
كما اندلعت احتجاجات طائفية في طرطوس وحمص بعد تداول مقطع فيديو قديم يظهر الاعتداء على مزار ديني مرتبط بالطائفة العلوية في حلب. وأوضحت السلطات الانتقالية السورية والزعماء الدينيون أن الفيديو كان من حادثة سابقة أثناء تحرير حلب وحثوا على الهدوء، مؤكدين أن إعادة نشره كانت محاولة متعمدة لإثارة الفتنة. وقالت وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية السورية: “إن الهدف من إعادة نشر مثل هذه المقاطع هو إثارة التوترات الطائفية في مرحلة حساسة”.
المظاهرات والدعم الشعبي
ورغم محاولات بث الفتنة، فقد خرجت مظاهرات واسعة النطاق في مختلف أنحاء سوريا للتعبير عن دعمها لجهود الحكومة الانتقالية وقوات الأمن في تحييد فلول النظام السابق. وفي اللاذقية وطرطوس وحمص، تجمع المواطنون للتنديد بالتحريض الطائفي والمطالبة باعتقال أولئك الذين يحاولون زعزعة استقرار المنطقة.
وخرج سكان مدينة اللاذقية في مظاهرة تأييدا لعمليات إدارة العمليات العسكرية وجهاز الأمن العام. وفي بلدة الدريكيش، احتج أفراد من الطائفة العلوية على الطائفية التي تروج لها بقايا نظام الأسد. وقال محافظ اللاذقية محمد عثمان: “لن ينجرف الشعب السوري الحر إلى الفتنة الطائفية. نحن ملتزمون بالحفاظ على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي”.
استعادة النظام
وتعمل السلطات على إشراك الزعماء المحليين وشخصيات المجتمع لتعزيز الحوار ومنع المزيد من الاضطرابات. وفي أعقاب اجتماع بين المسؤولين ووجهاء العلويين في حمص، دعا بيان صدر عنهم أفراد المجتمع إلى تسليم الأسلحة في غضون خمسة أيام وأكد على أهمية مقاومة الأجندات الأجنبية. وحث محافظ طرطوس أحمد الشامي السكان على العمل معًا لبناء “سوريا جديدة حرة” ورفض محاولات إثارة الفتنة.
السعي المستمر لتحقيق العدالة
وبالإضافة إلى إعادة النظام، تركز السلطات على تقديم الهاربين من عناصر نظام الأسد إلى العدالة، حيث افتتحت هيئة التنسيق مراكز إيواء في اللاذقية وحمص وطرطوس لعناصر النظام السابق لتسليم أنفسهم وتسوية أوضاعهم.
وحذر ناشطون في مجال حقوق الإنسان من التقارير غير المؤكدة عن وفيات بين شخصيات النظام السابق، مشيرين إلى أن مثل هذه المعلومات المضللة قد تمكن الجناة من التهرب من العدالة من خلال انتحال هويات جديدة. وقال الكنيفاتي: “نحن ملتزمون بملاحقة كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء أو ارتكبوا جرائم تؤثر على كرامة وأمن مواطنينا”.
سوريا موحدة
مع عودة الهدوء تدريجياً إلى المحافظات الساحلية السورية، يظل السكان والسلطات يقظين ضد أي محاولات أخرى لزعزعة استقرار المنطقة. وتعتبر الجهود الرامية إلى إعادة بناء الثقة وضمان العدالة أمراً بالغ الأهمية في ظل سعي السوريين إلى التغلب على إرث عقود من القمع والعنف في ظل نظام الأسد. وبينما تستمر الاشتباكات والعمليات الأمنية، يظل الشعب السوري صامداً.