
وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، تواجه سوريا “تهديدًا ثلاثيًا” يتمثل في انعدام الأمن، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والتحديات الإنسانية، وذلك خلال مرحلتها الانتقالية الحساسة. يسلط التقرير الضوء على القضايا الملحة التي يجب معالجتها لمنع المزيد من المعاناة واستقرار البلاد بعد سنوات من الصراع.
انعدام الأمن يسود البلاد
يشير تقرير OCHA إلى استمرار حالة انعدام الأمن في جميع أنحاء سوريا، حيث لا تزال الأعمال العدائية والجريمة تؤثر على محافظات مثل حلب، ودير الزور، وحماة، وحمص، واللاذقية، والقنيطرة، وريف دمشق، وطرطوس. وقد تصاعدت الجرائم، نتيجة لعناصر النظام السابق والتحريض الإيراني، خاصة في أجزاء من حلب والمناطق الساحلية في الأسابيع الأخيرة، بينما تسببت الهجمات الإسرائيلية في الجنوب واحتلال ميليشيات حزب العمال الكردستاني (PKK) لأجزاء واسعة من شمال شرق سوريا في تفاقم الوضع.
في حمص، حيث تختبئ جيوب من ضباط النظام السابق، أدى إنشاء نقاط تفتيش جديدة واستمرار العمليات الأمنية من قبل الحكومة المؤقتة إلى تقييد الحركة أثناء ملاحقة المجرمين، مما حدّ من الوصول إلى المرافق الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الأماكن المخصصة للأطفال.
وأدت التقلبات المستمرة إلى تعليق العمليات الإنسانية في حلب ودير الزور واللاذقية وطرطوس، بينما توقفت شحنات المساعدات من دمشق إلى القامشلي في محافظة الحسكة مؤقتًا.
الأزمة الاقتصادية تزيد من تعقيد الوضع
حذرت الأمم المتحدة أيضًا من تصاعد الضغوط الاقتصادية التي تفاقم الاحتياجات الإنسانية في سوريا. إذ تسببت ندرة السيولة المالية وتدهور الخدمات العامة وارتفاع تكاليف الوقود والنقل في إرهاق المجتمعات التي تعاني أصلاً من آثار الحرب.
ورغم الإشارة إلى انخفاض طفيف في أسعار المواد الغذائية، إلا أن الفجوات الحرجة لا تزال قائمة. حيث يظل توفر الخبز في حلب والمناطق الغربية منها منخفضًا، وتحتاج المخابز في دير الزور إلى إصلاحات عاجلة وإمدادات أساسية مثل الدقيق لاستئناف إنتاجها بالكامل.
وجاء في التقرير: “الوضع في قطاع الخدمات العامة، بما في ذلك البنية التحتية للمياه والكهرباء، يتطلب اهتمامًا فوريًا”.
أضرار البنية التحتية
لا تزال البنية التحتية في سوريا متضررة، مما يعيق جهود التعافي. حيث تعرضت القرى في جنوب إدلب وشمال حماة وغرب حلب للدمار بسبب قربها من خطوط المواجهة السابقة، كما أن المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة النظام تعرضت للتخريب والإهمال، مما أدى إلى حاجة ملحة لإعادة تأهيل المرافق الأساسية مثل الطرق وشبكات الكهرباء ومراكز الخدمات العامة.
ومن أبرز التحديات تضرر سد تشرين، الذي أصبح خارج الخدمة منذ 10 ديسمبر بسبب الأعمال العدائية. وقد أدى ذلك إلى انقطاع المياه والكهرباء عن حوالي 413,000 شخص في منبج وعين العرب (كوباني).
الحاجة إلى تحرك عاجل
شدد مكتب OCHA على ضرورة معالجة هذه الأزمات المتشابكة لدعم الانتقال في سوريا وتجنب تفاقم الظروف الإنسانية. كما أن إعطاء الأولوية للأمن والاستقرار الاقتصادي وإعادة تأهيل البنية التحتية سيكون مفتاحًا لمساعدة سوريا على إعادة البناء وتهيئة بيئة مناسبة للسلام والتنمية طويلة الأمد.
وفي الوقت الذي تسعى فيه سوريا للتعافي، تعد هذه التقارير تذكيرًا صارخًا بالتحديات الهائلة التي تنتظرها، والحاجة إلى دعم دولي منسق لمعالجة الأزمات المستمرة في البلاد.