
بينما تخرج سوريا من أكثر من 14 عامًا من الصراع وسقوط نظام بشار الأسد، تجد نفسها في مرحلة إعادة إعمار هشة – لا تشمل فقط البنية التحتية والمؤسسات، بل أيضًا المجتمع الممزق. تواجه الحكومة الانتقالية السورية (STG) تحديات هائلة لاستعادة الاستقرار، وتعزيز الوحدة، وإعادة بناء الثقة بين السوريين. ومع ذلك، تهدد موجات الأخبار الزائفة، والروايات الإعلامية المسيسة، وحملات التضليل بتقويض هذه الجهود وزعزعة استقرار البلاد.
التضليل كسلاح
أصبحت المعلومات المضللة أداة بيد مختلف الأطراف، سواء داخلية أو دولية، تسعى لاستغلال الوضع الهش في سوريا. وفقًا لعمار الشمالي، محلل إعلامي في منصة تأكد، فإن انهيار نظام الأسد خلف “فراغًا معلوماتيًا” ملأته روايات متنافسة تهدف إلى إثارة الخوف والكراهية والانقسامات. هذا التلاعب يزيد من التوترات القائمة، ويقوض الثقة في الحكومة، ويعرض جهود الحكومة الانتقالية لتحقيق السلام للخطر.
استخدام الخوف والكراهية
في المحافظات الساحلية مثل طرطوس واللاذقية، وُجهت اتهامات لبقايا النظام السابق بتحريض العنف ونشر التوترات الطائفية بدعم من إيران. فقد أُشيع عن هجمات على أضرحة دينية، مثل فيديو مزعوم لتدنيس ضريح علوي، والذي تبين لاحقًا أنه تسجيل قديم منذ تحرير حلب.
وحذرت وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية قائلة: “إعادة نشر مثل هذه المقاطع هو محاولة متعمدة لإثارة التوترات الطائفية في مرحلة حساسة”. هذه الأخبار الزائفة لا تزيد فقط من خطر إعادة إشعال الصراع الطائفي، بل تعقد جهود الحكومة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب.
دور الأطراف الدولية
ولا تقتصر حملات التضليل على الفاعلين الداخليين. فقد واصل حلفاء الأسد، روسيا وإيران، إبان حكم الأسد، استخدام المعلومات المضللة كأداة جيوسياسية للحفاظ على نفوذهم في سوريا. على سبيل المثال، سعت روسيا إلى تشويه سمعة مجموعات مثل “الخوذ البيضاء”، ووصفتها بأنها “غير موثوقة” أو “متطرفة”.
وقال ماركوس سباريس خيمينيز بلانكو، زميل في مؤسسة جيرمان مارشال: “تعمل آليات التلاعب بالمعلومات الروسية والإيرانية بأقصى طاقتها لمحاولة تشكيل السرد حول التطورات في سوريا لتعويض خسائرهم العسكرية والاستراتيجية”.
التأثيرات الإنسانية والعالمية
تمتد عواقب المعلومات المضللة إلى ما هو أبعد من حدود سوريا. فهي قد تؤدي إلى تشويه التصورات الدولية، مما يقلل من الدعم الإنساني الحيوي ويهدد الاستثمارات الأجنبية في جهود إعادة الإعمار.
مواجهة التحديات
لمواجهة خطر المعلومات المضللة، أولت الحكومة الانتقالية السورية أهمية كبيرة للشفافية والتواصل. حيث تعمل مع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والشركاء الدوليين لإنشاء آليات للتحقق من المعلومات ودحض الروايات الزائفة.
الطريق نحو السلام
لتحقيق سلام دائم، يتوجب على سوريا أن تتخطى التحديات المادية والمؤسساتية، وتعزز في الوقت ذاته مجتمعًا متماسكًا قادرًا على مقاومة التضليل الإعلامي.