
شهد الجامع الأموي التاريخي في دمشق يوم الجمعة، 10 يناير، حادثة تدافع أودت بحياة ثلاث نساء وأسفرت عن إصابة خمسة أطفال، وذلك خلال توزيع وجبات طعام أعلن عنها طاهٍ سوري مشهور وشخصية بارزة على منصة تيك توك.
وأوضحت منظمة الدفاع المدني السوري، المعروفة بـ”الخوذ البيضاء”، أن الحادث وقع بسبب الازدحام الشديد خلال فعالية نظمها مدنيون. وقالت المنظمة في بيان: “استجابت فرقنا إلى جانب فرق أخرى، حيث تم إنقاذ طفل وانتشال جثة امرأة من داخل المسجد”.
فعالية تتسبب في فوضى
تم ربط الحادثة بفعالية نظمها أبو عمر الدمشقي، مالك مطعم “البيت الدمشقي” وشخصية معروفة على تيك توك. وكان أبو عمر قد دعا الجمهور قبل أيام عبر إعلانه على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحضور للجامع الأموي لتوزيع وجبات مجانية، مما أدى إلى اندفاع جماهيري كبير.
وأفاد شهود عيان أن الحضور كان هائلاً، وازداد مع انتشار شائعات عن وجود شخصيات عامة مشهورة، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيطالي. وكان المسجد مزدحماً بالفعل بالمصلين لصلاة الجمعة، مما تسبب في ازدحام خطير في ساحة المسجد مع تدافع الناس للحصول على الوجبات.
أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي غياب التنظيم المناسب، حيث تدافع الحضور للحصول على الطعام، مما أسفر عن إصابات بالغة، بما في ذلك كسور وكدمات لدى الأطفال.
غضب عام وانتقادات واسعة
أثارت الحادثة موجة غضب وانتقادات واسعة بسبب سوء تنظيم الفعالية. ووجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيون اللوم لمنظمي الفعالية، متهمين إياهم بالسعي وراء الشهرة على حساب سلامة الناس.
وغرد الصحفي السوري مراد عبد الجليل قائلاً: “هذا يعكس معاناة الناس الذين أجبرهم الفقر على التجمع بأعداد كبيرة للحصول على وجبة. كان من الممكن تجنب هذه الفوضى بتنظيم أفضل لتوزيع الطعام، لكن يبدو أن الهدف كان الشهرة و‘الإعجابات‘”.
وعبر آخرون عن غضبهم من استغلال الفقر في سبيل تحقيق محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي. وكتبت هدى زغلول: “هذا الحادث يجسد الوضع السوري. الناس يعانون، والبعض يستغل معاناتهم لجذب الانتباه”.
رد الحكومة
عبّر محافظ دمشق، ماهر مروان، عن تعازيه لذوي الضحايا وتعهد بمحاسبة المسؤولين. وقال مروان في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): “نحن نتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث في الجامع الأموي”. كما أعلن أن السلطات تعمل بالتعاون مع وزارة الداخلية للتحقيق في الحادث واتخاذ تدابير عاجلة لمنع وقوع حوادث مشابهة مستقبلاً.
مأساة كان يمكن تجنبها
تسلط حادثة الجامع الأموي الضوء على المعاناة العميقة التي يعيشها السوريون. ففي ظل الفقر المستشري، دفعت وعود الحصول على وجبة مجانية حشوداً كبيرة للتوافد إلى أحد أكثر المواقع ازدحاماً في العاصمة. ويرى المنتقدون أن التخطيط والتنظيم الأفضل كانا كفيلين بتجنب الكارثة. وبينما تعيش دمشق حالة من الحداد على الضحايا، تظل هذه الحادثة تذكيراً صارخاً بضرورة تحقيق التوازن بين المبادرات الخيرية والمسؤوليات التي تحملها.