
كشفت الحكومة السورية المؤقتة (STG) عن سلسلة تغييرات في الرسوم الجمركية ورسوم الاستيراد تهدف إلى معالجة عدم الاستقرار الاقتصادي وإحياء الاقتصاد الوطني. وتأتي هذه الإجراءات كجزء من خطة طوارئ صُممت لحماية الصناعات المحلية والحفاظ على فرص العمل، وفقاً لما صرّح به وزير الاقتصاد ماهر خليل الحسن.
سياق الأزمة
خلال اجتماع مع وزير الاقتصاد، تم الكشف عن أن الاقتصاد السوري كان يواجه خطر الانهيار الوشيك بسبب المعابر الحدودية غير المنظمة مثل باب السلامة وباب الهوى. وقد أثّر غياب نظام جمركي موحد في هذه المعابر بشكل كبير على الصناعات في حلب وحماة ودمشق، مما هدد أكثر من 300,000 وظيفة.
وقال الوزير: “كان الاقتصاد على وشك الكارثة. تصرفنا بسرعة لضمان استمرارية التصنيع المحلي وحماية سبل العيش.”
تركز الاستراتيجية الجديدة على تغييرين رئيسيين: خفض الرسوم الجمركية عند المعابر المحررة حديثاً، وزيادة الرسوم في نقاط الدخول الرئيسية لتحقيق استقرار السوق وحماية المنتجين المحليين.
حماية الصناعات المحلية
عانى المنتجون المحليون، خصوصاً في منطقة حلب، بسبب تدفق السلع المستوردة الرخيصة. ولمواجهة هذا الوضع، تهدف تعديلات التعرفة الجمركية التي أجرتها الحكومة المؤقتة إلى تحقيق تكافؤ الفرص للمنتجين المحليين. وتشمل الإجراءات الأساسية خفض الرسوم الجمركية على المواد الخام لتعزيز الصناعات المحلية، وفرض رسوم أعلى تدريجياً على السلع الأجنبية التي تدخل عبر المعابر غير المنظمة.
كان أحد القطاعات الأكثر تضرراً هو قطاع تربية الدواجن في إدلب، الذي كان مهدداً بسبب تدفق المنتجات الأجنبية. وقد وفرت التعرفات الجديدة شبكة أمان للمزارعين المحليين، مما أتاح لهم المنافسة والاستمرار في عملهم.
تدفق السلع المستوردة
منذ الإطاحة ببشار الأسد، شهد السوق السوري تدفقاً كبيراً للسلع المستوردة، بدءاً من المياه المعبأة التركية وصولاً إلى الجبن الفرنسي. وقد أدى تخفيف القيود على المعاملات بالعملة الأجنبية والتخفيض الكبير في الرسوم الجمركية إلى جعل السلع الأجنبية أكثر توافراً.
وأشار محمود، بائع فواكه في دمشق، إلى انخفاض حاد في أسعار المنتجات المستوردة والمحلية على حد سواء. وقال: “الأسعار انخفضت بشكل كبير. الأناناس الأجنبي أصبح يكلف خُمس سعره السابق، والبطاطا المحلية أصبحت ربع ما كانت عليه.”
وأرجع محمود هذا التغيير إلى القضاء على الابتزاز عند نقاط التفتيش، وهو ما كان يعاني منه المزارعون والبائعون في ظل نظام الأسد. وأضاف: “يمكن للمزارعين أخيراً التركيز على كسب لقمة العيش بشرف دون الخوف المستمر من المداهمات.”
موازنة الاحتياجات المحلية والمستوردة
بينما أدى توفر السلع الأجنبية إلى إنعاش الأسواق الاستهلاكية، تولي الحكومة المؤقتة الأولوية للسياسات التي توازن بين فوائد الاستيراد والحاجة إلى حماية الصناعات المحلية. وأكد الوزير الحسن أهمية هذه التدابير قائلاً:
“مسؤوليتنا الرئيسية في هذه المرحلة هي ضخ الدماء في شرايين الاقتصاد، والحفاظ على المؤسسات، وخدمة المواطنين.”
رأي الشارع
أثار عودة العلامات التجارية الأجنبية المألوفة مثل جبن “البقرة الضاحكة” شعوراً بالحنين والتفاؤل بين السوريين. وقال أحد السوريين مازحاً على إنستغرام: “منذ متى لم أرَ هذه الضحكة؟ الحمار رحل، وعادت البقرة.”
ورغم هذه التغيرات الإيجابية، لا تزال التحديات قائمة مع تأقلم السوريين مع ارتفاع أسعار بعض المنتجات. ومع ذلك، تُعتبر إصلاحات الحكومة المؤقتة خطوة ضرورية لتحقيق استقرار الاقتصاد وحماية ملايين العمال. ومع استمرار الحكومة الانتقالية في تنفيذ خطتها الاستراتيجية، يأمل السوريون أن تُؤسس هذه التدابير لانتعاش اقتصادي مستدام في السنوات المقبلة.