
تظل وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، وهما المكونان الأساسيان لقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، محور النقاشات حول مستقبل سوريا. وعلى الرغم من أن قوات سوريا الديمقراطية تؤكد دورها الأساسي في محاربة داعش، فإن ارتباطها بحزب العمال الكردستاني (PKK) – المصنف كمنظمة إرهابية من قبل أكثر من اثنتي عشرة دولة ومنظمة، بما في ذلك تركيا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والولايات المتحدة والمملكة المتحدة – يثير مخاوف كبيرة.
التعاون التركي-السوري
أجرى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ونظيره التركي، هاكان فيدان، محادثات في أنقرة يوم الأربعاء، حيث أكدا التزامهما المشترك بوحدة الأراضي السورية. وشدد الوزيران على ضرورة منع أي تقسيم للأراضي السورية، وتعهد فيدان بدعم تركيا لمكافحة الإرهاب وإعادة بناء المؤسسات السورية.
وقال فيدان: “نحن مستعدون لدعم وحدة الأراضي السورية ولدينا خبرة واسعة في مكافحة الإرهاب”. وأشار إلى اهتمام تركيا بتعزيز الاستقرار الإقليمي وتسهيل عودة ملايين النازحين إلى ديارهم.
من جانبه، أكد الشيباني هذه الأولويات، داعياً إلى انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من شمال شرق سوريا. وقال: “لم يعد وجود قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق البلاد مبرراً”، مشيراً إلى الحاجة إلى إعادة تقييم المؤسسات التي أُنشئت خلال السنوات الأربع عشرة الماضية.
دور قوات سوريا الديمقراطية
كانت قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة مظلوم عبدي، شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة في الحرب ضد داعش. وحققت انتصارات ضد التنظيم وتدير معسكرات اعتقال تضم مقاتلي داعش وعائلاتهم. وعلى الرغم من هذه الإنجازات، فإن صلات قوات سوريا الديمقراطية بحزب العمال الكردستاني أثارت انتقادات من دول عدة، وخاصة تركيا.
خلال اجتماعاته الأخيرة مع القادة الكرد، أعرب عبدي عن استعداده للتفاوض مع الحكومة السورية الجديدة. واقترح دمج مؤسسات الإدارة الذاتية مع الهياكل الحكومية المركزية مع الحفاظ على الحكم الذاتي الإقليمي. وأوضح عبدي أن هذا النهج يمكن أن يعالج المظالم التاريخية ويعزز الوحدة.
كما اقترح عبدي التخلي عن السيطرة على حقول النفط في شمال شرق سوريا، بشرط توزيع عادل للعائدات على جميع المحافظات السورية. ومع ذلك، أكد أن قوات سوريا الديمقراطية لا تنوي الحل، معتبراً وجودها ضرورياً لاستقرار المنطقة وحقوق الأكراد.
وجهات نظر متباينة حول قوات سوريا الديمقراطية
بينما يبرز مؤيدو قوات سوريا الديمقراطية مساهماتها في مكافحة داعش، يجادل منتقدوها بأن وجودها يقوض سيادة سوريا. وقد دعا كل من الشيباني وفيدان إلى انسحاب الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، معتبرين أن رحيلها ضروري لتحقيق الوحدة الوطنية والاستقرار.
لكن الولايات المتحدة لا تزال ثابتة في دعمها لقوات سوريا الديمقراطية. وشدد السيناتور ماركو روبيو، المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكي، على الدور المحوري لقوات سوريا الديمقراطية في احتجاز مقاتلي داعش والحفاظ على الأمن في شمال شرق سوريا. وحذر روبيو من أن التخلي عن قوات سوريا الديمقراطية قد يزعزع استقرار المنطقة ويفشل جهود مكافحة الإرهاب.
وقال روبيو في جلسة استماع في مجلس الشيوخ: “يحرس الأكراد السجون التي تحتجز مقاتلي داعش. وبدونهم، فإن خطر عودة التنظيم كبير”.
الوساطة وآفاق المستقبل
تتواصل الجهود للتوفيق بين دور قوات سوريا الديمقراطية وأهداف سوريا الأوسع. وانخرط القادة الكرد في مناقشات مع المسؤولين السوريين، مؤكدين على أهمية الحوار السلمي والتسوية. وتسعى مبادرات الوساطة، مثل تلك التي اقترحتها حكومة إقليم كردستان العراق، إلى معالجة المخاوف التركية مع الحفاظ على هياكل الحكم الكردية.
ومع ذلك، لا تزال التوترات مرتفعة. فتركيا، بدعم من حلفائها في الناتو وآخرين، تعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ودعت إلى انسحاب كامل للجماعات المرتبطة به من سوريا. وهذا الديناميك الجيوسياسي يعقد الجهود الرامية إلى دمج قوات سوريا الديمقراطية في دولة سورية موحدة.
طريق نحو الوحدة؟
مع مواجهة الإدارة السورية الجديدة لهذه التحديات، سيكون تحقيق التوازن بين الحفاظ على السيادة الوطنية ومعالجة الحكم الذاتي الإقليمي وضمان الأمن هو العامل الحاسم في مستقبل سوريا. وسيكون الدور المستقبلي لقوات سوريا الديمقراطية – سواء كقوة استقرار أو نقطة نزاع – محورياً في تحديد قدرة سوريا على تحقيق السلام والاستقرار الدائمين.