
بدأ الزخم يتزايد بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لدعم الحكومة الانتقالية السورية مع سعي البلاد نحو إعادة الإعمار والاستقرار بعد سقوط نظام بشار الأسد. وقد برزت قطر كلاعب رئيسي، حيث دعت إلى تعزيز التعاون الإقليمي، وتخفيف العقوبات، وإعادة دمج سوريا مع جامعة الدول العربية.
دور القيادة القطرية
تولى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، دوراً فعالاً في تعزيز العلاقات مع الحكومة الانتقالية السورية. وخلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، أكد التزام قطر بدعم الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
وفي مؤتمر صحفي مشترك، دعا آل ثاني إلى رفع العقوبات التي وصفها بأنها “عفا عليها الزمن وتعرقل تعافي سوريا”. وأضاف: “العقوبات المفروضة على نظام الأسد لم تعد منطقية الآن. الإدارة الجديدة لا يمكنها معالجة المخاوف الدولية وهي تعمل تحت عبء العقوبات”.
كما سلطت وزارة الخارجية القطرية الضوء على جهود التنسيق الإقليمي لإعادة الاستقرار في سوريا وإدارة العملية السياسية بشكل شامل. وأعادت قطر فتح سفارتها في دمشق في ديسمبر الماضي، في خطوة تمثل علامة فارقة في استعادة العلاقات الدبلوماسية بعد 13 عاماً من الإغلاق.
التفاعل مع جامعة الدول العربية
كانت جامعة الدول العربية منتدى حيوياً لإعادة دمج سوريا في السياسة الإقليمية. وقامت وفود برئاسة مساعد الأمين العام حسام زكي بزيارة دمشق لتقييم العملية السياسية والتواصل مع القادة السوريين.
وفي مؤتمر صحفي، أعرب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن تطلعاته إلى “فتح صفحة جديدة من التعاون والتكامل مع إخواننا العرب”. كما دعا الشيباني الدول العربية للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، مشيراً إلى استعداد الإدارة لتسهيل الاستثمارات.
وقال زكي: “سوريا دولة محورية، وما يحدث فيها يؤثر على العالم العربي”. وأكد أن العقوبات على سوريا “لم تعد لها أي مبررات”، وتعهد بدعم الجامعة في تنسيق الجهود لرفعها.
التطورات الإقليمية
تواصل العلاقة بين سوريا والدول العربية النمو. وأبدت الإمارات العربية المتحدة أيضاً زيادة في الانخراط، حيث ناقش رئيسها محمد بن زايد آل نهيان التعاون الثنائي خلال اتصال مع الرئيس أحمد الشرع. وقامت وفود سورية برئاسة الوزير الشيباني بزيارة أبوظبي لاستكشاف سبل التعاون.
وفي مؤتمر صحفي، أشاد الشيباني بدور الإمارات في دعم تعافي سوريا وأكد على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
معالجة الأمن الإقليمي
أعرب القادة الإقليميون عن قلقهم إزاء التهديدات الخارجية لاستقرار سوريا. وأدان كل من الشرع وآل ثاني الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة للأراضي السورية، داعين إلى انسحاب فوري للقوات الإسرائيلية من مناطق العزل. وأكد الشرع التزام سوريا بالاتفاقيات الدولية واستعدادها لاستقبال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة.
وجدد آل ثاني موقف قطر الداعم لوحدة أراضي سوريا قائلاً: “نريد أن نرى سوريا دولة مواطنة تعتمد على الكفاءة وليس الطائفية”، مشيراً إلى أن قطر ستظل ملتزمة بدعم رؤية الحكومة الانتقالية لدولة موحدة.
فصل جديد لسوريا
يشير الدعم المتزايد من قطر وأعضاء جامعة الدول العربية الآخرين إلى نقطة تحول للحكومة الانتقالية السورية. ومع التعاون الإقليمي وتخفيف العقوبات والمساعدات الإنسانية، تتاح للحكومة الانتقالية فرصة لمواجهة التحديات الملحة وإعادة بناء البلاد.
لكن الطريق إلى الأمام معقد. فالتوازن بين المخاوف الأمنية الإقليمية، ودمج الفئات المجتمعية المختلفة، وتعزيز الحوكمة الشاملة سيتطلب جهوداً مستمرة وتعاوناً دولياً. ومع التكاتف العربي خلف الحكومة الانتقالية، يقترب وعد سوريا مستقرة ومزدهرة من التحقق.