
التقى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى برئيس حكومة تصريف الأعمال السورية أحمد الشرع في دمشق يوم الثلاثاء، في أول لقاء رفيع المستوى بين السلطة الفلسطينية والإدارة السورية الجديدة. وأكدت الزيارة دعم فلسطين لسيادة سوريا ودعوتها لرفع العقوبات الدولية عن البلاد التي مزقتها الحرب.
وقاد مصطفى، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية الفلسطيني، وفداً نقل تحيات الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القيادة والشعب السوري. وقال مصطفى: “ننظر من دمشق إلى مستقبل سوريا، ونأمل أن تتغلب على تحديات هذه المرحلة. بالنسبة لنا، سوريا دولة محورية تدعم وتساند قضيتنا”.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني على ضرورة إعادة دمج سوريا في جامعة الدول العربية ودعا إلى إنهاء العقوبات الدولية، التي وصفها بأنها “متطلب أساسي للاستقرار والتنمية”.
تعزيز العلاقات الثنائية ومعالجة قضايا اللاجئين
حضر اللقاء الذي عقد في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ومسؤولون كبار آخرون. وركزت المناقشات على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، فضلاً عن معالجة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
وأشار مصطفى إلى اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم “ضيوف شرف في وطنهم الثاني” وأكد التزام فلسطين باحترام سيادة جميع الدول مع دعم الاستقرار الإقليمي. لطالما حافظت السلطة الفلسطينية على علاقاتها مع سوريا. ومع ذلك، نشأت توترات سابقة بسبب دعم نظام الأسد للفصائل المعارضة للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
خلال الثورة السورية، نأت حماس بنفسها عن نظام الأسد، مما أدى إلى تدهور العلاقات. في حين حاولت حماس المصالحة مع دمشق في عام 2022، انتقد الأسد لاحقًا تحالفات الجماعة المتغيرة، واصفًا مواقفها السابقة بمزيج من “الخيانة والنفاق”، في حين كشفت وثائق حديثة عن المدى الحقيقي لعداء النظام تجاه حماس.
في المقابل، سعت السلطة الفلسطينية إلى الحفاظ على موقف محايد، وتجنب التورط العميق في الصراعات الداخلية في سوريا. تمثل زيارة مصطفى اعترافًا رسميًا بالحكومة السورية الجديدة باعتبارها السلطة الحاكمة في سوريا وخطوة نحو إعادة العلاقات الدبلوماسية المستقرة.
السياق الإقليمي والدعوات إلى الوحدة الفلسطينية
تأتي الزيارة أيضًا وسط أعمال عنف مستمرة في الأراضي الفلسطينية. جدد رئيس الوزراء الدعوات لإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، مؤكدًا على الحاجة إلى إعادة بناء البنية التحتية الفلسطينية المدمرة.
وقال مصطفى: “وحدة الأراضي الفلسطينية ضرورية، ويجب أن نسعى جاهدين نحو دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وفقًا للشرعية الدولية والمبادرة العربية”.
التطلع إلى المستقبل
لقد سعت السلطة السورية الجديدة إلى إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية في أعقاب الإطاحة بالأسد. إن تأييد مصطفى لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ودعوته لرفع العقوبات يتماشى مع المناقشات الإقليمية الأوسع نطاقًا حول الدور المستقبلي لسوريا في الشرق الأوسط.
بالنسبة لسوريا، فإن الاجتماع بمثابة خطوة مهمة نحو التطبيع الدبلوماسي، بينما بالنسبة لفلسطين، فإنه يعزز الرابطة التاريخية بين الشعبين. وبينما تتنقل الحكومتان عبر ديناميكيات إقليمية معقدة، فإن اجتماع يوم الثلاثاء قد يمهد الطريق لتعاون أعمق في السنوات القادمة.