
تكثف الحكومة السورية جهودها لإحياء الاقتصاد والبنية التحتية في البلاد، على الرغم من العقوبات المستمرة والقيود المالية. في قلب هذه المبادرة يأتي “التجمع الوطني السوري”، الذي عقد مؤتمره الأول في دمشق بعد سبع سنوات من العمل في الخارج. حضر المؤتمر أكثر من 100 من كبار رجال الأعمال السوريين، ما أكد على الدور الحاسم لإنعاش الاقتصاد في دعم عودة اللاجئين والنازحين داخلياً.
إصلاحات اقتصادية بقيادة الحكومة
وزير المالية السوري محمد أبازيد، متحدثاً في المؤتمر في 2 مارس، عرض استراتيجية الحكومة لجذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصادي. شدد على خطط تطوير نظام ضريبي عادل وشفاف يشجع مشاركة القطاع الخاص مع الحفاظ على الموارد العامة. وبشأن المخاوف حول الخصخصة، أوضح أبازيد أن الحكومة تهدف إلى تعزيز شراكات استراتيجية بدلاً من بيع المؤسسات المملوكة للدولة.
من جانبه، أشار وزير الزراعة محمد طه الأحمد إلى الإمكانات الزراعية الكبيرة لسوريا، مستشهداً بالإنتاج القوي للقمح والفستق والزيتون، وهي منتجات تتمتع بقدرة تنافسية عالية عالمياً. وأكد أن إنعاش القطاع الزراعي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمن الغذائي.
تخفيف العقوبات ومشاركة قطاع الأعمال
أكد مفيد كرمة، رئيس “التجمع الوطني السوري”، على ضرورة بذل جهد وطني جماعي لإعادة بناء سوريا. وقال: “تم تأسيس التجمع خارج البلاد على أيدي رجال أعمال وطنيين، والآن حان الوقت للعمل داخل سوريا لدعم الحكومة وترسيخ مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون”.
بدوره، دعا تامر التونسي، أحد مؤسسي التجمع، قادة الأعمال السوريين إلى استثمار علاقاتهم الدولية للضغط من أجل رفع العقوبات الاقتصادية. وأشار إلى أن القيادة الجديدة اتخذت خطوات حاسمة نحو الإصلاح، بما في ذلك مكافحة الأنشطة غير المشروعة مثل تجارة الكبتاغون وإلغاء السياسات الاقتصادية الاستغلالية.
الإعمار وعودة اللاجئين
تُعتبر إعادة الإعمار عاملاً حاسماً في تسهيل عودة اللاجئين والنازحين داخلياً، الذين ما زال العديد منهم يعانون من نقص المساكن وفرص العمل والخدمات الأساسية. ناقش المشاركون في المؤتمر أهمية جهود الإغاثة المستهدفة، حيث شدد منذر البزرة على ضرورة تقديم المساعدات الفورية للأسر المتضررة.
كما تم تسليط الضوء على إصلاح النظام القضائي كأولوية رئيسية. وأكد الدكتور موسى متري أن وجود إطار قانوني مستقر ضروري لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل وتعزيز ثقة المستثمرين. من الناحية المالية، شددت الدكتورة ليلى السمان على أهمية العدالة الضريبية لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
يرى المحلل الاقتصادي هيثم جود أن سوريا يمكن أن تحقق ناتجاً محلياً إجمالياً يتجاوز 70 مليار دولار إذا طبقت الحكومة سياسات اقتصادية مدروسة. ومع ذلك، تظل العقوبات المحدودة وإمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية عقبات رئيسية.
دور الإعلام في إعادة الإعمار
إدراكاً لأهمية الصورة العامة، دعا “التجمع الوطني السوري” إلى استراتيجيات إعلامية أقوى لدعم جهود إعادة الإعمار. وأشار المؤسس المشارك إياد النجار إلى نجاح دبي الاقتصادي المدفوع بالإعلام كنموذج يمكن لسوريا أن تحتذي به.
اختتم المؤتمر بتشكيل لجان متخصصة مكلفة بتطوير وتنفيذ استراتيجيات إعادة الإعمار. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تنتظر البلاد، أعرب المسؤولون وقادة الأعمال عن تفاؤلهم الحذر بأن التعافي الاقتصادي يمكن أن يمهد الطريق لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل وعودة السوريين النازحين.