
تصاعد الصراع في المناطق الساحلية السورية أثار قلقًا دوليًا، حيث أعربت الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان والنشطاء عن استيائهم إزاء التقارير المتعلقة بالعنف وسقوط الضحايا المدنيين.
أعرب غير بيدرسن، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، عن “قلقه العميق” بشأن الاشتباكات بين القوات الحكومية وبقايا النظام السابق. وقال: “التقارير عن وقوع ضحايا مدنيين مقلقة للغاية”، داعيًا إلى ضبط النفس والالتزام بالقانون الدولي. وحذر من أن أي تصعيد إضافي قد يزعزع استقرار سوريا ويعيق عملية الانتقال السياسي.
من جهتها، كررت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة هذه المخاوف، حيث تحقق في “مقاطع فيديو مقلقة” يُزعم أنها تظهر عمليات إعدام خارج نطاق القضاء لمدنيين عزل. ودعت اللجنة جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي وضمان المعاملة الإنسانية للمعتقلين والمستسلمين.
ردود الفعل الإقليمية
حذرت وزارة الخارجية التركية من أن الصراع في اللاذقية وطرطوس قد يهدد وحدة سوريا. وقال المتحدث باسم الوزارة، أونجو كيليج، عبر منصة “إكس”: “في هذه المرحلة الحرجة، فإن استهداف قوات الأمن قد يقوض جهود التضامن الوطني”، مؤكداً معارضة تركيا لأي أعمال تزعزع استقرار سوريا.
من جانبها، نأت روسيا بنفسها عن الصراع، حيث أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن أمن القوات الروسية في سوريا مضمون، لكنه رفض التعليق على التفاصيل. وقال: “لا نعرف التفاصيل”.
وأدانت المملكة العربية السعودية الهجمات على قوات الأمن، مؤكدة دعمها لجهود سوريا في استعادة النظام. وقالت وزارة الخارجية السعودية: “تعرب المملكة العربية السعودية عن إدانتها للجرائم التي ترتكبها الجماعات الخارجة عن القانون في سوريا”. كما أعربت كل من الأردن وقطر عن دعمهما لدمشق لاستعادة الاستقرار.
مظاهرات شعبية
شهدت مناطق مختلفة في سوريا مظاهرات مؤيدة للحكومة دعماً لعملياتها الأمنية. ودعت منظمات دينية ونشطاء، بمن فيهم المجلس الإسلامي السوري، إلى تنظيم مسيرات في حلب وحماة ودمشق ومدن أخرى. واحتشد المتظاهرون في ساحة العاصي بحماة خلال جنازة لعناصر أمنية قُتلوا في الاشتباكات. كما نظم المحتجون في السلمية وحمص ودرعا مظاهرات أكدت على الوحدة الوطنية ورفض الانقسامات الطائفية.
اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان
رغم تأكيد الحكومة السورية على جهودها لاستعادة الاستقرار، أثارت منظمات حقوقية مخاوف بشأن مزاعم الانتهاكات. وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمقتل نحو 140 مدنيًا في اللاذقية وطرطوس، متهمة كلًا من الجماعات المسلحة والقوات الحكومية بالمسؤولية عن هذه الجرائم.
وأشارت المنظمة إلى وقوع عمليات إعدام جماعي في عدة قرى، بما في ذلك مقتل 40 مدنيًا في قرية المختارية و50 آخرين في بانياس. كما أفادت بمهاجمة ميليشيات النظام السابق لخمسة مستشفيات في أربع مدن مختلفة.
ووثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 100 عنصر من قوات الأمن في هجمات شنتها ميليشيات النظام السابق، وسط تقارير عن عمليات قتل عشوائي وإعدامات خارج نطاق القضاء، مما أثار دعوات لإجراء تحقيقات مستقلة.
ودعا الناشط عمر الحريري الحكومة إلى ضمان المساءلة. وقال: “العدالة وحدها يمكنها الحفاظ على السلم المدني”. كما شدد الباحث أحمد أبازيد على أهمية التحقيق في الانتهاكات المزعومة، مشيراً إلى ضرورة فرض الانضباط والشفافية في العمليات العسكرية.
وأقرت وزارة الداخلية السورية بوقوع “انتهاكات فردية”، مؤكدة أنها تعمل على وقفها.