
بعد أربعة عشر عامًا من الثورة السورية، لا يزال مصير الآلاف من المختفين قسرًا مجهولًا. لم تجد العائلات التي تبحث خارج مراكز الاعتقال مثل سجن صيدنايا أي عزاء، حيث توفر السجلات الرسمية معلومات ضئيلة. وعلى الرغم من سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، إلا أن الأزمة تفاقمت.
العائلات تواصل البحث عن المفقودين
وفقًا لتقرير حديث صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR)، تم تسجيل 177,021 حالة اختفاء قسري منذ عام 2011، حيث يتحمل النظام المخلوع مسؤولية 160,123 منها. وقد كشفت إعادة فتح السجون والمعتقلات السرية عن أدلة جديدة، لكن الجهود الحكومية لا تزال غير كافية. وأكد مدير الشبكة، فاضل عبد الغني، على ضرورة التعاون الدولي لتحديد مواقع المقابر الجماعية وإنشاء قاعدة بيانات للحمض النووي.
الدفع نحو العدالة والمساءلة
مع دخول سوريا مرحلة انتقالية، تتزايد المطالب بتحقيق العدالة. هيومن رايتس ووتش (HRW) دعت إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد مجرمي الحرب، بما في ذلك مسؤولون سابقون في النظام وجماعات مسلحة. كما طالبت المنظمة بالحفاظ على مواقع المقابر الجماعية والتعاون مع الهيئات الأممية للتحقيق.
ورغم تحقيق بعض التقدم، يرى الخبراء أن جهود العدالة الانتقالية لا تزال محدودة. وأكد عبد الغني على ضرورة أن تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا أكبر في صياغة الأطر القانونية لما بعد الصراع.
اعتقالات تطال مجرمي نظام الأسد
كثفت وزارة الداخلية السورية جهودها لتفكيك بقايا النظام السابق، حيث تم اعتقال عدد من الشخصيات البارزة. فقد تم توقيف بشار محفوظ، القائد في الفرقة 25 سيئة السمعة، إلى جانب خالد عثمان بتهم ارتكاب جرائم حرب والتورط في عمليات خطف وسرقة.
وفي حلب، اعتقلت قوات الأمن عدنان محمد السيد، القائد السابق في لواء القدس المدعوم من إيران، بتهمة سرقة المساعدات الإنسانية وقمع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. ويأتي اعتقاله ضمن حملة أوسع استهدفت قادة آخرين من اللواء، مثل بسام توفيق وبسام محمد مقصود.
الفلسطينيون في سوريا يطالبون بالعدالة
قدرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا أن أكثر من 6,000 لاجئ فلسطيني، بينهم 49 طفلًا، لا يزالون مفقودين. وخلال جلسة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UNHRC)، طالب طارق حمود من مركز العودة الفلسطيني بتحرك دولي بشأن حالات الاختفاء القسري.
وقد انتقدت عائلات اللاجئين الفلسطينيين المعتقلين السفارة الفلسطينية في دمشق بسبب تقاعسها، مطالبين بالتحقيق في دور الفصائل الفلسطينية، مثل لواء القدس، التي تعاونت مع نظام الأسد في اضطهاد الفلسطينيين.
التحديات في المرحلة الانتقالية السورية
بينما تستمر الجهود لتفكيك الأجهزة الأمنية للنظام السابق، لا يزال طريق سوريا نحو العدالة غير واضح. وتشدد منظمات حقوق الإنسان على ضرورة وجود آليات مساءلة قوية لمنع الإفلات من العقاب. وفي الوقت نفسه، تمثل التعافي الاقتصادي، وإعادة الإعمار، وعودة النازحين تحديات إضافية. وستحدد الأشهر القادمة ما إذا كانت سوريا ستتجه نحو المصالحة أو ستظل عالقة في دوامة المظالم غير المحلولة.