
تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا التصعيد، حيث استهدفت سلسلة من الغارات الجوية والتوغلات البرية عدة مواقع في البلاد. وأسفر الهجوم الأخير يوم الاثنين في درعا عن مقتل أربعة مدنيين، من بينهم شاب توفي متأثرًا بجراحه بعد يومين. ووفقًا لرابطة أحرار حوران، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مواقع عسكرية في حي الضاحية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين على الفور وإصابة 19 آخرين، بينهم أطفال وعناصر إغاثة.
تصاعد الاحتلال الإسرائيلي وتكثيف الهجمات
بالإضافة إلى الغارات الجوية، وسّعت القوات الإسرائيلية نطاق احتلالها في جنوب سوريا، حيث تقدمت إلى قرى ريف القنيطرة واستولت على مناطق استراتيجية، بما في ذلك جبل الشيخ. وتشير التقارير إلى أن إسرائيل تقوم ببناء قواعد عسكرية على طول الحدود، مما يعزز وجودها في المنطقة.
وخلال الأسبوع الماضي، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عدة مواقع، من بينها مطار T4 العسكري بالقرب من تدمر، والذي كان يضم سابقًا مواقع ميليشيات إيرانية قبل سقوط نظام بشار الأسد. وزعم الجيش الإسرائيلي أن الضربات استهدفت “قدرات عسكرية استراتيجية” لا تزال موجودة داخل قواعد الجيش السوري.
تصاعد التوترات الجيوسياسية
يؤثر الوضع المتطور في سوريا على التوازن الإقليمي، خاصة مع تصاعد الدور التركي. فمع تعزيز الحكومة السورية الجديدة سلطتها، أعربت أنقرة عن استعدادها لدعم دمشق في إعادة بناء جيشها. وتشير التقارير إلى أن تركيا تخطط لتزويد سوريا بأنظمة دفاع متقدمة والمساعدة في إعادة هيكلة قواتها المسلحة.
هذا التطور يعقد المصالح الإسرائيلية، إذ إن الدعم العسكري التركي لسوريا قد يعيد بناء قدرات الدفاع الجوي السورية، التي أضعفتها الضربات الإسرائيلية، مما قد يحد من قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات عسكرية داخل العمق السوري. بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد النفوذ التركي في المنطقة يثير قلق إسرائيل بشأن احتمال تغيير ميزان القوى الإقليمي.
ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، فإن تداعيات سقوط نظام الأسد زادت التوتر بين تركيا وإسرائيل، حيث يسعى كل من البلدين لتحقيق مصالح متضاربة داخل سوريا. وإذا قامت تركيا بتعزيز البنية العسكرية السورية، فقد تواجه إسرائيل تحديات أكبر في شن حملات جوية أو توسيع عملياتها العسكرية والاحتلالية داخل الأراضي السورية.
دعوات للحوار
وسط هذا التصعيد، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت إسرائيل إلى إعادة النظر في نهجها تجاه سوريا. وفي مقابلة مع موقع المونيتور، طالب أولمرت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاعتراف بشرعية القيادة السورية الجديدة والانخراط في محادثات مباشرة.
وقال أولمرت:
“التوصل إلى تفاهمات أمنية على المدى القصير يمكن أن يؤدي إلى تحول كبير في علاقاتنا مع سوريا”.
وأكد أن إسرائيل “تفوّت فرصة تاريخية” لبناء علاقات سلمية مع دمشق، وهو ما قد يمهّد أيضًا لتحسين العلاقات مع لبنان.
واقترح رئيس الوزراء الأسبق أن تتفاوض إسرائيل مع سوريا بشأن اتفاق طويل الأمد حول الجولان المحتل، يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بسيطرتها على المنطقة مقابل الاعتراف بالسيادة السورية. كما حث المجتمع الدولي، وخاصة فرنسا، على التوسط في المحادثات بين البلدين.
ومع تصاعد التوترات على عدة جبهات، يرى المحللون أن إسرائيل بحاجة إلى موازنة استراتيجيتها العسكرية بعناية، مع النظر في الفوائد المحتملة للانخراط الدبلوماسي مع الحكومة السورية الجديدة.