
تصاعدت التوترات في جنوب سوريا عقب الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على قرية كويا في ريف درعا. وأفادت وسائل إعلام سورية بأن القوات الإسرائيلية نفذت توغلاً في البلدة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مع السكان المحليين الذين حاولوا الدفاع عن منازلهم. ومع تصاعد المواجهات، ردت القوات الإسرائيلية بقصف مدفعي عنيف وغارات جوية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن سبعة مدنيين، وسط توقعات بارتفاع الحصيلة بسبب الإصابات البليغة.
مقتل مدنيين في الهجوم الإسرائيلي على كويا
أدانت السلطات السورية الهجوم، حيث طالبت وزارة الخارجية بإجراء تحقيق دولي في ما وصفته بانتهاك صارخ لسيادة سوريا. وتشير التقارير إلى أن القوات الإسرائيلية حاولت التسلل إلى القرية، ما أدى إلى مقاومة من الأهالي، الأمر الذي قوبل بردٍ عسكريٍ إسرائيلي شمل هجمات بالدبابات والمدفعية والطائرات المسيّرة، مما أجبر مئات العائلات على الفرار من منازلهم.
يأتي الهجوم على كويا ضمن نمط أوسع من الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات العسكرية في سوريا. فقد كثفت إسرائيل عملياتها في الأشهر الأخيرة، متذرعة بمخاوف أمنية، حيث استهدفت هجماتها المتكررة مواقع عسكرية سورية، وبنية تحتية، ومناطق سكنية. ووسط استمرار احتلالها لمرتفعات الجولان منذ عام 1967، تسببت هذه العمليات في نزوح واسع وسقوط ضحايا بين المدنيين.
غضب دولي ومطالبات بالتحرك
أثار الهجوم على كويا إدانات واسعة من قبل منظمات دولية وحكومات عدة. فقد نددت رابطة العالم الإسلامي ودول الخليج، بما في ذلك السعودية والكويت وقطر، بالعدوان الإسرائيلي. وأكدت وزارة الخارجية السعودية على ضرورة اتخاذ إجراءات دولية حازمة وجادة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المتكررة. ووصفت قطر الهجوم بأنه تصعيد خطير قد يؤدي إلى إشعال مزيد من الصراعات في المنطقة.
كما أدانت وزارة الخارجية الأردنية العملية الإسرائيلية، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي، محذرة من أن استمرار العدوان الإسرائيلي في جنوب سوريا قد يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة.
وعلى نطاق أوسع، دعت مجموعة الدول الأفريقية (A3+) في مجلس الأمن الدولي، بقيادة الجزائر، إلى وقف الهجمات الإسرائيلية، مؤكدين التزامهم بسيادة سوريا. وأدان السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، أفعال إسرائيل، معربًا عن قلقه إزاء التصريحات التي تتحدث عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا. كما شدد على ضرورة احترام اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، والتي يتم تجاهلها بشكل متزايد خلال العمليات العسكرية الأخيرة.
بدوره، شدد مجلس التعاون الخليجي على ضرورة ممارسة المجتمع الدولي ضغوطًا على إسرائيل لوقف توغلاتها العسكرية. وأكد الأمين العام للمجلس، جاسم محمد البديوي، أن أمن سوريا ضروري لاستقرار المنطقة، داعيًا إلى وقف جميع أشكال التدخلات الأجنبية في البلاد.
وفي الأمم المتحدة، طالبت عدة دول، من بينها فرنسا والصين وروسيا، بانسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة. وأدان مندوب الصين لدى الأمم المتحدة الغارات الإسرائيلية، مؤكدًا ضرورة وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا فورًا. كما أصر الممثل الروسي على أن الوجود الإسرائيلي في المنطقة يعد انتهاكًا للقانون الدولي، داعيًا إلى انسحاب عاجل.
التبرير الإسرائيلي
دافعت إسرائيل عن عملياتها العسكرية، معتبرة أنها ضرورية لأسباب أمنية. وصرح القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في روسيا، ألكسندر بن زفي، بأن العمليات الأخيرة تهدف إلى منع حزب الله والجماعات المدعومة من إيران من تعزيز وجودها في سوريا.
وقال بن زفي لوسائل الإعلام الروسية: “بغض النظر عن مصدر التهديد، سواء كان ميليشيات شيعية أو مجموعات إيرانية، فإن إسرائيل ستفعل كل ما بوسعها لضمان أمنها الوطني”. كما أكد أن إسرائيل استهدفت شحنات أسلحة متجهة إلى حزب الله، لكنها تنفي وجود نية لتنفيذ غزو واسع النطاق لسوريا.
ورغم هذه التبريرات، تتزايد الانتقادات ضد العمليات الإسرائيلية في سوريا. حيث تواصل منظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية توثيق الأضرار التي تلحق بالمدنيين، محذرة من أن هذه الأعمال تنتهك القانون الدولي وتزيد من حدة عدم الاستقرار الإقليمي.
ومع تصاعد الإدانة العالمية، دعت سوريا إلى تحرك عاجل لمحاسبة إسرائيل على هجماتها المستمرة، حيث باتت أحداث كويا جزءًا من التصعيد المتزايد في المنطقة.