
بدأت الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية بتنفيذ اتفاق تاريخي في مدينة حلب، مما يمثل مرحلة جديدة من التعاون تهدف إلى تخفيف التوترات ودمج المؤسسات الأساسية في المدينة التي مزقتها الحرب.
الاتفاق، الذي تم توقيعه في الأول من نيسان/أبريل، ينص على الانسحاب التدريجي لوحدات قوات سوريا الديمقراطية من الأحياء ذات الغالبية الكردية، الشيخ مقصود والأشرفية في شمال حلب. وقد تولت قوى الأمن الداخلي المحلية (الأسايش)، مهام الأمن في المنطقة.
وصفت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، الاتفاق بأنه “خطوة إيجابية” ونموذج محتمل لترتيبات تقاسم السلطة في المستقبل عبر سوريا. وقالت: “هذه تجربة جديدة للبلاد”، مضيفة أن ذلك قد يساعد في إنهاء سنوات من الصراع ويمهد الطريق نحو دولة سورية لا مركزية.
ويشمل الاتفاق، المكون من 14 بندًا، تبادل الأسرى، ودمج الموظفين المدنيين في وزارة الداخلية التابعة للحكومة المركزية، والحفاظ على “الهوية الثقافية” للأحياء ذات الغالبية الكردية. وقد تبادلت الحكومة السورية بالفعل أكثر من 200 محتجز مع قوات سوريا الديمقراطية، وبدأت قوافل عسكرية في نقل مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية إلى شمال شرق سوريا.
وأكد عبد الكريم ليلى، رئيس مديرية إعلام حلب، أن وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، وهما من المكونات الأساسية لقوات سوريا الديمقراطية، من بين القوات المنسحبة. وستبقى قوات الأسايش في الأحياء بأسلحة خفيفة، وسيتم دمجها ضمن وزارة الداخلية السورية.
وستحتفظ الأحياء بمجالسها المحلية الحالية في إطار آلية تنسيق مدني مع حكومة محافظة حلب. وقالت إلهام أحمد إن تقاسم الموارد سيتم عبر لجان مشتركة لضمان استمرار الخدمات العامة دون انقطاع.
ورغم الإشادة بالاتفاق كاختراق مهم، يرى محللون أن التنفيذ قد يواجه تحديات. إذ تعارض بعض الفصائل التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، بما في ذلك “الشبيبة الثورية” المرتبطة بحزب العمال الكردستاني والمتهمة بانتهاكات حقوق الإنسان مثل اختطاف الأطفال، الانسحاب الكامل، وقد تحاول عرقلة التنفيذ.
مع ذلك، يصر المسؤولون السوريون على أن الاتفاق يسير وفق الخطة. وقال محافظ حلب، عزام الغريب، إن الاتفاق عزز بالفعل الروح المعنوية والأمن لدى السكان. وأضاف لوسائل الإعلام الرسمية: “يلاحظ السكان تحسنًا حقيقياً على الأرض”، مشيرًا إلى تعزيز الدوريات وتفعيل مراكز الشرطة وعودة تدريجية للخدمات الأساسية.
ويُعتبر هذا الاتفاق اختبارًا لنجاح الاتفاق الوطني الأوسع الذي تم توقيعه في آذار/مارس بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي. ويهدف ذلك الاتفاق إلى دمج جميع مؤسسات قوات سوريا الديمقراطية، المدنية والعسكرية، ضمن مؤسسات الدولة السورية.
ودعت إلهام أحمد ومسؤولون آخرون في قوات سوريا الديمقراطية دمشق إلى توسيع الاتفاق ليشمل مناطق متنازع عليها أخرى مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض. وقالت: “نريد حلاً سلمياً لجميع المناطق”، محذرة من استمرار التغيرات الديموغرافية في المناطق الكردية. وفي الوقت الراهن، تقدم أحياء حلب لمحة نادرة عن التعاون في بلد مجزأ، حيث يختبر الطرفان بحذر إمكانات المصالحة.