
اندلع توتر شديد يوم الجمعة في شرق محافظة درعا، حيث نشرت قوات الأمن السورية تعزيزات كبيرة لمواجهة عناصر من اللواء الثامن في مدينة بصرى الشام ومحيطها، وذلك عقب اشتباك مسلح وإصابة شخصية بارزة موالية لوزارة الدفاع.
الاشتباكات في بصرى الشام تثير المخاوف من عودة العنف
بدأت المواجهة مساء الخميس عندما أطلقت قوات تابعة لقائد اللواء الثامن أحمد العودة النار واعتقلت باسل الدروبي، الذي انضم مؤخراً إلى الحكومة المركزية. وقد أُصيب الدروبي بجروح خطيرة أثناء سفره مع عائلته، مما زاد من حدة التوتر بين الفصائل المسلحة المتبقية في المنطقة.
وردًا على الحادث، أرسلت إدارة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية تعزيزات إلى بصرى الشام والبلدات المجاورة. وذكرت تقارير أن القوافل الأمنية سيطرت على عدد من الحواجز الرئيسية، بما في ذلك المعبر الاستراتيجي في المسيفرة وموقع في بلدة صيدا، حيث تم تفكيك نقاط تفتيش تابعة للواء الثامن ومصادرة أسلحته.
وبحسب الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني من درعا، تم التوصل إلى اتفاق يوم الجمعة بين إدارة الأمن العام وقوات العودة لتهدئة الوضع. ويتضمن الاتفاق تسليم الأسلحة الثقيلة والخفيفة وتسليم المشتبه بتورطهم في إطلاق النار على الدروبي.
ورغم الاتفاق، واصلت دوريات الأمن العام انتشارها في عموم محافظة درعا، ووجهت مكبرات الصوت في بعض المساجد دعوات لعناصر اللواء الثامن بتسليم أسلحتهم. كما بدأت حملات اعتقال استهدفت عناصر اللواء في بلدات مثل الجيزة والحراك، حيث أكدت مصادر محلية أن العديد من المقاتلين سلموا أنفسهم طوعًا.
أحقاد قديمة وحكومة جديدة
تعود جذور الأزمة إلى خلافات قديمة. فالدروبي شخصية مثيرة للجدل في درعا، حيث حاول في عام 2016 تنفيذ انقلاب ضد أحمد العودة، كما سعى مؤخرًا لتجنيد عناصر من اللواء الثامن ضمن وحدات جديدة تابعة لوزارة الدفاع، وهو ما اعتبره العودة تهديدًا مباشرًا لنفوذه في المنطقة.
وقال مصدر عسكري في اللواء، تحدث لوسائل إعلام محلية دون الكشف عن هويته: “المفاوضات لا تزال جارية، وما زال الحل السلمي ممكنًا، لكن الوضع في المنطقة لا يزال متوتراً”.
من جهتها، قالت وزارة الداخلية السورية في بيان صدر الجمعة إن العمليات تهدف إلى “تعزيز الأمن والاستقرار وفرض سيادة القانون”. ومع ذلك، فإن التقارير التي تحدثت عن فرض حظر تجوال ومداهمات وانتشار القوافل المدرعة قد أثارت الخوف بين السكان.
وتدهور الوضع الأمني في محافظة درعا بشكل ملحوظ منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. ولا تزال الجماعات المسلحة – التي كانت في السابق موالية للنظام – نشطة، وغالباً ما ترفض الانضواء تحت مظلة المؤسسات الأمنية المركزية. ويشكل انتشار الأسلحة والخلافات المحلية غير المحسومة تهديدًا حقيقيًا للاستقرار في المنطقة، ما يهدد بتقويض التقدم الهش الذي تحقق بعد سنوات من الصراع.
ويُذكر أن أحمد العودة، الذي كان مدعومًا من روسيا عند تشكيل الفيلق الخامس في 2018، لا يزال يفرض سيطرة قوية على مدينة بصرى الشام. وبينما تشير لقاءاته مع الرئيس أحمد الشرع إلى محاولات للانخراط مع القيادة الجديدة، إلا أن الأحداث الأخيرة توضح أن تثبيت السلطة في جنوب سوريا يتطلب عناية خاصة وحذرًا كبيرًا.