
بدأت روسيا بتقديم اللجوء والحماية الإنسانية لأفراد مرتبطين بنظام سوريا السابق، ما أثار تساؤلات حول استراتيجية موسكو طويلة الأمد في المنطقة بعد انهيار حكومة بشار الأسد.
وأكدت مصادر دبلوماسية روسية أن العشرات من السوريين، بمن فيهم أولئك الذين كانوا متمركزين سابقاً في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، قد تم نقلهم إلى منطقة بيرم في وسط روسيا. ووصفت الخطوة بأنها “إنسانية” لأسباب صحية، رغم أن محللين أشاروا إلى أبعادها السياسية.
وقال دبلوماسي روسي لصحيفة الشرق الأوسط: “هذه خطوة تحمل بالتأكيد دلالات سياسية”، مع التأكيد في الوقت نفسه على أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم ليسوا من كبار المسؤولين في النظام أو الشخصيات العسكرية. وقد وفرت السلطات الروسية لهؤلاء السكن المؤقت والغذاء والرعاية الطبية، ويُقال إن المسؤولين المحليين يساعدونهم في الاندماج والعثور على وظائف.
في صلب التكهنات المتزايدة يأتي بشار الجعفري، السفير السوري السابق في روسيا والمندوب الدائم الأسبق لدى الأمم المتحدة. وقد أفادت عدة وسائل إعلام، من بينها وكالة “تاس” الروسية، أن الجعفري قد تقدم بطلب لجوء، رغم أنه نفى ذلك علنًا في تصريح لوكالة “سبوتنيك”، إلا أنه لم يعد إلى دمشق رغم استدعائه رسميًا واستبداله مؤخرًا ضمن تغييرات دبلوماسية.
الجعفري، البالغ من العمر 69 عاماً، لديه عائلة مقربة في موسكو، حيث يقيم كل من ابنه وابنته ويعملان هناك. وتشير مصادر إلى أنه يعاني من مشاكل صحية قد تعيق سفره أو إعادة تكليفه بمهمة جديدة. وعندما طُلب من المسؤولين الروس تأكيد تقديمه طلب لجوء، لم يقروا بذلك، لكنهم أشاروا إلى أنه سيتم النظر فيه إذا تم تقديمه رسميًا.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية مؤخرًا عن نقل كل من الجعفري والسفير السوري لدى السعودية، أيمن سوسان، إلى الإدارة المركزية كجزء من تغييرات دبلوماسية أوسع. لكن السفارة السورية في موسكو نشرت رسالة توحي بمغادرة الجعفري، قبل أن تحذفها، مما زاد من التكهنات حول وضعه.
امتدت مسيرة الجعفري المهنية لعقود، شغل خلالها منصب ممثل سوريا في الأمم المتحدة في نيويورك، حيث دافع بشراسة عن سياسات الأسد خلال الثورة السورية التي استمرت 14 عامًا. ولاحقًا أصبح نائبًا لوزير الخارجية قبل تعيينه سفيرًا في موسكو.
ورغم أن روسيا نادرًا ما كانت وجهة للاجئين السوريين، بالرغم من تدخلها العسكري في النزاع، إلا أنها – وبعد سقوط الأسد وازدياد الاضطرابات في الساحل السوري – تبدو الآن وكأنها توفر ملاذًا سريًا لفئة مختارة من المرتبطين بالنظام السابق. وتشير تقارير حديثة إلى أن قاعدة حميميم الجوية استضافت ما يصل إلى 9,000 شخص خلال الأشهر الأخيرة من حكم الأسد.
ويرى مراقبون أن وصول هؤلاء الأفراد ووضع الجعفري يعكس محاولة موسكو إدارة مرحلة ما بعد الأسد دون تقويض نفوذها الاستراتيجي في سوريا.