
شهدت الأسابيع الأخيرة نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً مع بدء أطراف إقليمية ودولية باتخاذ خطوات للتواصل مع القيادة السورية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع.
أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن زيارة مرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى سوريا، مؤكداً التزام أنقرة بالاستقرار الإقليمي وسيادة سوريا. وخلال مشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، انتقد فيدان الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مؤكداً في الوقت نفسه التحضيرات لقمة محتملة تجمع أردوغان والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
من جانبه، قال السفير التركي في دمشق، برهان قور أوغلو، إن زيارة أردوغان قد تتم قريباً، مشيراً إلى أن أنقرة كانت من أوائل من أعاد فتح سفارته في العاصمة السورية. وأكد أن تركيا تنسق بانتظام مع روسيا بشأن الملف السوري وتدعم إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية على أساس الثقة المتبادلة.
كما بدأت دول الخليج بإعادة الانخراط في الشأن السوري. ووصف وزير الخارجية الكويتي، عبد الله اليحيى، الوضع في سوريا بأنه يشهد “تطورات إيجابية”، مجدداً دعم مجلس التعاون الخليجي لسيادة سوريا وحل سياسي قائم على قرارات الأمم المتحدة. وقاد اليحيى وفداً خليجياً إلى دمشق في ديسمبر، حيث التقى بالرئيس الشرع، واضعاً الأسس للتعاون المستقبلي.
وتضمن البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في مكة في مارس، فقرات محورية تتعلق بسوريا، دعت إلى الوحدة الوطنية، وتكامل المؤسسات، وإنهاء التدخلات الخارجية.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية اليمني شايع الزنداني عن جهود لإعادة فتح السفارة اليمنية في دمشق، التي كانت خاضعة لسيطرة الحوثيين منذ عام 2014. وأكد الزنداني وجود تنسيق مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بما في ذلك إرسال وفد رسمي في وقت لاحق من هذا الشهر.
ومن المقرر أن يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس دمشق يوم الجمعة، في أول زيارة له منذ سقوط النظام السابق. وكانت زيارات سابقة لمسؤولين فلسطينيين تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية ودعم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرئيس الشرع لحضور القمة العربية التي ستُعقد في بغداد في 17 مايو. وتُعد هذه القمة منصة حاسمة للحوار العربي الموحّد في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة.
وقد شارك الشرع بالفعل في اجتماعات حديثة لجامعة الدول العربية، بما في ذلك قمة عُقدت في القاهرة، حيث دعا إلى جهود عربية جماعية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي السورية. ووصف عودة سوريا إلى الجامعة العربية بأنها خطوة نحو الوحدة العربية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
من جانبها، بدأت الدول الأوروبية باستكشاف قنوات دبلوماسية جديدة. فقد التقت القائمة بالأعمال السويدية، جيسيكا سفاردستروم، مع وزير الصحة السوري الدكتور مصعب العلي لبحث سبل تقديم مساعدات طبية، داعية إلى إيجاد طرق مبتكرة لتجاوز العقوبات. كما أجرت وفود تشيكية محادثات مع وزارة الطاقة السورية لاستكشاف فرص الاستثمار في مجالي الطاقة والتنمية.
كما مدت سوريا يدها نحو شرق آسيا، لا سيما عبر تعزيز العلاقات مع كوريا الجنوبية. وخلال زيارة رسمية مؤخراً، حظي وزير الخارجية الكوري الجنوبي تشو تاي-يول باستقبال استثنائي، حيث رافقه وزير الخارجية السوري بنفسه. وأعربت القيادة السورية عن رغبتها في إقامة شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع الدولة الآسيوية.
ومع إعادة فتح القنوات الدبلوماسية واقتراب زيارات رفيعة المستوى، يبدو أن المجتمع الدولي يعيد تدريجياً ضبط مقاربته تجاه سوريا، التي يقودها الآن رجل كان في الماضي يقود المعارك من الظل، ويسعى اليوم إلى نيل الشرعية على الساحة العالمية.