
تزايدت الجهود الرامية إلى تخفيف العقوبات الدولية على سوريا مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية. وقد سلطت الاجتماعات رفيعة المستوى في دمشق وخارجها في الأيام الأخيرة الضوء على تزايد الحاجة إلى رفع القيود التي يقول العديد من المسؤولين إنها تُفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في سوريا.
وقد استضاف محافظ إدلب، محمد عبد الرحمن، وفداً من الجالية السورية الأمريكية برئاسة الدكتورة ريم البزم، لبحث تأثير النزاع على المنطقة والحاجة إلى انخراط خارجي. وأكد الجانبان أهمية دور الجاليات السورية في الخارج في التأثير على السياسات الدولية، وخاصة المتعلقة بالعقوبات، وشددا على دور التعاون الدولي في إعادة إعمار البلاد.
انخراط أمريكي يبعث الأمل
يوم الجمعة الماضي، التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بعضو الكونغرس الأمريكي كوري ميلز، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية السورية، تناولت المحادثات المخاوف الأمنية المشتركة والآثار السلبية للعقوبات على قطاعات متعددة، منها الصحة والطاقة. وأكد الشيباني أن هذه الإجراءات “تضر مباشرة بالمواطنين العاديين”، وهو موقف يلقى صدى متزايداً لدى شركاء إقليميين.
وأشار وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى وجود تغير في موقف واشنطن، قائلاً: “الولايات المتحدة منفتحة فيما يخص سوريا”، داعياً إلى تخفيف العقوبات للسماح للحكومة السورية باستئناف تقديم الخدمات الأساسية. وكشف آل ثاني عن مشاورات جارية مع مسؤولين أمريكيين بشأن تمويل قطري لمشاريع طاقة في سوريا، في مؤشر على جهود إقليمية لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد.
دعوات للإصلاح والتعافي
من جهتهم، بدأ مشرعون أمريكيون باتخاذ خطوات في هذا الاتجاه. ففي رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسانت، دعت السيناتورة جين شاهين إلى تخفيف القيود على القطاعات الحيوية في سوريا. وشددت شاهين على ضرورة “الإسراع في تقليل مخاطر العقوبات” في مجالات مثل الزراعة والتعليم والاتصالات، مشيرة إلى أن ذلك يمكن أن يساهم في استقرار البلاد ويخدم المصالح الأمريكية.
وفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، قال المدير الإقليمي عبد الله الدردري إن سوريا لا تستطيع الانتظار حتى رفع العقوبات لبدء عملية التعافي الاقتصادي. ومن دمشق، دعا السلطات إلى إطلاق مشاريع خدمية لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين بسرعة. وقدّر تقرير حديث للبرنامج أن سوريا خسرت 800 مليار دولار من الناتج المحلي منذ اندلاع الحرب، وأن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون حالياً في فقر.
مؤسسات دولية تلمّح إلى العودة
في تطور بارز، بدأت سوريا إعادة التواصل مع الهيئات المالية العالمية. وأعلن وزير المالية، محمد يسر برنية، عن تعيين رون فان رودن رئيساً لبعثة صندوق النقد الدولي في سوريا، وهو ما يمثل تجديداً للتعاون بعد أكثر من عقد من الانقطاع. في الوقت ذاته، أكد نائب رئيس البنك الدولي، عثمان ديون، دعم مؤسسته لجهود التعافي في سوريا، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية الرقمية.
ورغم أن العقوبات لا تزال تشكل عقبة رئيسية، إلا أن الفاعلين الدوليين والإقليميين يبحثون عن سبل لإحياء الاقتصاد السوري المنهار. وما إذا كان هذا الزخم سيؤدي إلى تخفيف فعلي للأعباء، سيعتمد على المسار السياسي للبلاد واستعداد القوى الأجنبية لتعديل سياساتها الراسخة.