
أعربت دمشق عن انفتاحها على التعاون، لكنها شددت على ضرورة احترام السيادة الوطنية. وقد أشار الرئيس السوري أحمد الشرع إلى استعداده لتلبية مطالب الولايات المتحدة المتعلقة برفع العقوبات، لكنه أكد أن هذه الشروط يجب ألا تمس بسيادة البلاد أو تضر بالشعب السوري. وخلال لقائه بعضو الكونغرس الأمريكي كوري ميلز، حدد الشرع شروطًا واضحة لتوسيع نطاق الانخراط مع واشنطن.
وقد طُرحت تساؤلات بشأن احتمال انضمام سوريا إلى “اتفاقات أبراهيم”، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. ووصف ميلز، وهو نائب جمهوري من فلوريدا، لقاءه الذي استغرق 90 دقيقة مع الشرع بأنه “إيجابي”، مشيرًا إلى أن الرئيس السوري أبدى اهتمامًا مشروطًا بالانضمام إلى الاتفاقات والمضي قدمًا في جهود السلام مع إسرائيل.
وقال الرئيس الشرع، بحسب مصدر حكومي سوري رفيع المستوى لموقع “Levant24”: “أولًا يجب على [إسرائيل] أن توقف تدخلها في سوريا، وتتوقف عن القصف، وتنسحب من الأراضي السورية التي دخلتها. بعد ذلك يمكننا الحديث عن الاتفاق.” وأضاف: “جميع الدول التي وقّعت على الاتفاقات، لا تحتل إسرائيل أراضيها.”
تفاؤل حذر من واشنطن
وقد أقر مسؤولون أمريكيون بوجود “فرصة مشروطة” لتحسين العلاقات مع سوريا، لكنهم لا يزالون يتخذون موقفًا حذرًا. وقال تيم ليندركينغ، المسؤول البارز في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، إن واشنطن لن تتسرع في رفع العقوبات.
وأضاف ليندركينغ خلال ندوة عبر الإنترنت نظمها “المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية-العربية”: “لقد تم إيصال مطالب واضحة ومحددة إلى الحكومة السورية الجديدة. مطالبنا ليست مستحيلة، ونرغب في نجاح هذه العلاقة.”
وتشمل هذه المطالب التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والكشف عن مصير الأمريكيين المفقودين، بمن فيهم الصحفي أوستن تايس، وإخراج المقاتلين الأجانب من المناصب الحكومية الرسمية. كما تسعى واشنطن إلى الحصول على ضمانات لحماية المدنيين والحلفاء الإقليميين، وعلى رأسهم إسرائيل.
وأكد ليندركينغ أن “نادراً ما تمرّ أيام دون أن تُناقش سوريا في وزارة الخارجية”، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة لم تبدأ بعد تواصلًا مباشرًا مع القيادة السورية الجديدة، وتتابع عن كثب ما إذا كانت هناك إصلاحات حقيقية.
أول زيارة من الكونغرس منذ سنوات
مثّلت اللقاءات التي جرت في دمشق الأسبوع الماضي أول زيارة لوفد من الكونغرس الأمريكي منذ سقوط نظام الأسد. وقد رافق ميلز في الزيارة النائبة مارلين ستوتزمان من ولاية إنديانا، والتقيا بمسؤولين سوريين من بينهم وزير الخارجية أسعد الشيباني. وُصفت الزيارة بأنها “بعثة تقصّي حقائق”، وشملت مناقشات حول أمن الحدود والتكامل الاقتصادي.
وفي مقابلات أعقبت الزيارة، قال ميلز إنه سيقدم إحاطة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ولمستشار الأمن القومي مايك والتز بشأن نتائج الزيارة. كما أشار إلى أن العقوبات تعيق بشدة قدرة سوريا على التحديث والتعافي، مشددًا على وجود عوائق كبيرة أمام الاتصالات والتجارة وتطوير البنية التحتية.
ورغم الفوارق الأيديولوجية، عبّر ميلز عن تفاؤله الحذر قائلاً: “في وقت من الأوقات، كانت ألمانيا واليابان أعداءنا، لكن علينا تجاوز هذا إذا أردنا تحقيق الاستقرار في سوريا.”
وبينما يبدو أن كلا الطرفين مستعدان للحوار، يبقى من غير المؤكد ما إذا كان بإمكانهما الوصول إلى أرضية مشتركة.