
اندلعت مظاهرات يوم السبت في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين السوريتين، حيث خرج مئات السوريين إلى الشوارع احتجاجًا على العدوان العسكري الإسرائيلي والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية. وندد المتظاهرون في اللاذقية بالغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مناطق في دمشق وريفها وحماة ودرعا، معربين عن رفضهم لخطط التقسيم. ووفقًا لوكالة الأنباء العربية السورية (سانا)، حمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها: “سوريا فوق الجميع… شعب واحد لا يقبل التجزئة” و”اللاذقية تقف إلى جانب الرئيس أحمد الشرع في وجه العدوان والغدر”.
وفي طرطوس، شهدت مظاهرات مماثلة، حيث أدانت الحشود الغارات الجوية الإسرائيلية على مدى يومين على المناطق السورية، وحذرت من محاولات تقسيم البلاد على أسس طائفية. ومن بين الشعارات التي رُفعت: “كفى دعمًا لإسرائيل في هجماتها على غزة وسوريا” و”نرفض التدخل الأجنبي في سوريا”.
الغارات الجوية والتوترات الطائفية تُثير قلقًا إقليميًا
شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية فجر الجمعة، مستهدفًا مواقع عدّة في دمشق وضواحيها، بما في ذلك موقع بالقرب من القصر الرئاسي. وزعمت إسرائيل أن الغارات كانت استباقية، تهدف إلى “حماية الدروز”، وسط اشتباكات في ضاحيتي جرمانا وأشرفية صحنايا. ووصفت الرئاسة السورية الغارة بأنها “تصعيد خطير”، وأدانتها عدة دول عربية.
انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عبر المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، “انتهاكات إسرائيل لسيادة سوريا”، وحثّ جميع الأطراف على ضبط النفس ووقف المزيد من التصعيد. ونقل عن دوجاريك قوله، وفقًا لوكالة فرانس برس: “يدين الأمين العام جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك تلك التي قد تُؤجج العنف الطائفي”.
دعوات للوحدة وسط تحذيرات من زعزعة الاستقرار
في أعقاب اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل العشرات، أصدر شيوخ ومسؤولون دروز من السويداء بيانًا يرفضون فيه أي شكل من أشكال الانفصال، ويدعون إلى استعادة القوات المحلية لدورها في إنفاذ القانون. وأدان قادة المجتمع المحلي التحريض الطائفي بعد تداول تسجيل صوتي مثير للجدل عبر الإنترنت، مؤكدين التزامهم باحترام الدين والوحدة الوطنية.
كما حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا من أن الإجراءات الإسرائيلية، إلى جانب تصاعد العنف الطائفي، تهدد “مسار سوريا نحو سلام مستدام يحترم الحقوق”. وأشارت اللجنة إلى خطر إلحاق المزيد من الضرر بالمدنيين ونزوحهم، وأكدت أن “التدخلات الخارجية غالبًا ما فاقمت العنف والتشرذم”.
دعوات دولية لضبط النفس والمساءلة القانونية
أكد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أنور العوني، موقف الاتحاد الأوروبي القائل بضرورة احترام إسرائيل لوحدة أراضي سوريا واتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 المتعلقة بهضبة الجولان. وانتقد الجهود الإسرائيلية لإثارة التوترات الداخلية السورية تحت ستار حماية الأقليات.
وحثّ المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية جميع الأطراف على وقف الأعمال العدائية وضمان المساءلة عن انتهاكات الحقوق. وصرح المركز قائلاً: “لطالما كان الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة دافعًا ثابتًا للصراع في سوريا”، مضيفًا أنه من خلال العدالة وسيادة القانون فقط يُمكن لسوريا أن تبدأ في إعادة بناء الثقة في مجتمعها المُشرذم.