
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 174 مدنيًا في أنحاء سوريا خلال شهر نيسان/أبريل 2025، مما يُسلّط الضوء على استمرار العنف وعدم الاستقرار في أعقاب سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي. ومن بين القتلى 23 طفلًا و13 امرأة وخمسة أشخاص لقوا حتفهم تحت التعذيب، وفقًا للتقرير الصادر يوم الجمعة.
على الرغم من سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن العديد من الوفيات لا تزال مرتبطة ببقايا إرث النظام. وجاء في التقرير: “رغم سقوط نظام الأسد، نواصل توثيق مقتل المدنيين على يد قوات الأسد”، مشيرًا إلى هجمات الميليشيات الموالية للنظام والوفيات الناجمة عن مخلفات المتفجرات والإصابات الناجمة عن عمليات قصف سابقة.
قتلة مجهولون مسؤولون عن معظم وفيات المدنيين
من بين 174 حالة وفاة، نُسبت 143 حالة إلى جهات مجهولة. سجلت محافظة حمص أعلى حصيلة وفيات، حيث بلغت 27% من إجمالي الوفيات، تليها درعا بنسبة 18%. كما أشار التقرير إلى عمليات قتل نفذتها جماعات أخرى مختلفة: سبع عمليات قتل على يد عناصر من قوات الحكومة الانتقالية، وثماني عمليات قتل على يد قوات سوريا الديمقراطية، وخمس عمليات قتل على يد فصائل متبقية من نظام الأسد، وجريمتان على يد عناضر من حزب الله.
وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان باكتشاف 17 جثة لمدنيين في مقابر جماعية، مثل الآبار والمباني المهجورة. ورغم أن هذه الوفيات وقعت قبل سقوط النظام، إلا أنها وُثّقت في أبريل/نيسان. وشدد التقرير على أهمية تسجيل كل من تاريخ الاكتشاف والوقت المُقدّر للوفاة، نظرًا لتغيّر السيطرة السياسية.
تصاعد حالات الاعتقال والاختفاء القسري
شهد شهر أبريل/نيسان أيضًا زيادة في حالات الاعتقال التعسفي، حيث وُثّقت 89 حالة، من بينها تسعة أطفال وأربع نساء. وكشف التقرير أن 36 حالة منها نُفّذت على يد الحكومة الانتقالية، بينما نُسبت 53 حالة إلى قوات سوريا الديمقراطية.
سجلت حلب أعلى عدد من حالات الاعتقال، تلتها حمص ودير الزور. وشمل المعتقلون منتقدين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأفرادًا يُشتبه في دعمهم لفصائل معارضة، ومدنيين أكرادًا متهمين بـ”التعاون”. ونُفذت العديد من الاعتقالات دون أوامر اعتقال أو أطر قانونية واضحة، لا سيما خلال مداهمات القوات الحكومية التي استهدفت عناصر تابعة للنظام السابق.
وُجهت أصابع الاتهام إلى قوات سوريا الديمقراطية لاستمرارها في ممارسة الإخفاء القسري، بما في ذلك التجنيد الإجباري للأطفال وقمع المعارضين. ووثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اختطاف قاصرين للتدريب والخدمة العسكرية، مع حرمان عائلاتهم من التواصل معهم وعدم تزويدهم بأي معلومات عن أماكن وجودهم.
دعوات للمساءلة والرقابة الدولية
حثّ التقرير الحكومة السورية على إصلاح الإجراءات القانونية، وحماية المدنيين والأدلة، والعمل مع آليات العدالة الدولية. ودعا مجلس الأمن الدولي إلى إحالة جرائم الحرب الموثقة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وزيادة الدعم الإنساني. كما حثّ مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا على إجراء تحقيقات شاملة.
في حين يُفصّل تقرير أبريل/نيسان الأوضاع المتدهورة والانتهاكات المستمرة، فإنه يُذكّر أيضًا بالطريق الطويل الذي ينتظرنا لتحقيق المساءلة والعدالة في سوريا ما بعد الأسد.