
استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الإليزيه يوم الأربعاء، في أول زيارة أوروبية له منذ توليه منصبه. وعبّر الرئيسان عن موقف موحد تجاه قضايا إعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي، داعين إلى تخفيف تدريجي للعقوبات التي اعتبرها الجانبان عائقًا أمام تعافي سوريا.
خلال مؤتمر صحفي مشترك، قال ماكرون إن فرنسا “لا تسعى لإملاء دروس” على سوريا، بل “تتشاطر تطلعات الشعب السوري العادلة”. وأكد رغبة فرنسا في الشراكة مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة لدعم البلد الذي مزقته الحرب، مؤكدًا على أنه “لا ينبغي أن يفلت أي مسؤول عن المجازر من العقاب”.
كما أشاد ماكرون باتفاق 10 مارس/آذار بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، واصفًا إياه بأنه “بالغ الأهمية” ومؤشر على استمرار التقدم السياسي. قال ماكرون: “أكدتُ للرئيس السوري أننا سنلتقي به في منتصف الطريق إذا واصل مسيرته”.
نحو تخفيف العقوبات وإعادة الإعمار
أكد الرئيس الفرنسي على المصلحة المشتركة في رفع العقوبات، قائلاً: “استقرار سوريا ينعكس على الاستقرار الإقليمي وعلى أمن فرنسا”. وأكد أن فرنسا تدفع باتجاه رفع تدريجي لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وتحث واشنطن على أن تحذو حذوها. وأشار ماكرون إلى انخفاض حاد في إنتاج الكبتاغون منذ سقوط النظام السابق، وأشاد بالجهود السورية لمكافحة المخدرات والقضاء على الأسلحة الكيميائية.
وقال ماكرون: “فرنسا تريد من سوريا أن تحارب جميع الفصائل الإرهابية”، مشيرًا أيضًا إلى حاجة سوريا إلى دعم دولي واسع لإعادة بناء بنيتها التحتية المدمرة. كما تطرق الزعيمان إلى الوضع على الحدود السورية اللبنانية. وأعرب ماكرون عن استعداده لبدء مفاوضات مع لبنان لإضفاء الطابع الرسمي على ترسيم الحدود، واصفًا تحسين أوضاع الحدود بأنه أمر حيوي للأمن على المدى الطويل.
الشرع يُقرّ بالماضي ويتعهد بالمساءلة
في كلمته، شكر الرئيس الشرع فرنسا على استضافتها للاجئين السوريين، وأقرّ بالفظائع التي ارتكبها النظام السابق. وقال: “ارتبط اسمنا بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية. مارس النظام السابق الاستبداد ضد جميع السوريين”.
وأكد الشرع التزام حكومته بإعادة الإعمار والعدالة والمصالحة الوطنية. ورحّب بالتدقيق الدولي، بما في ذلك احتمال تشكيل لجنة تحقيق في الهجمات الطائفية، وتعهد بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
كما أكد أن الحكومة السورية استجابت بسرعة لأعمال العنف الأخيرة في منطقة الساحل، وشكلت لجان تحقيق ووعدت بمحاسبة المسؤولين. وقال الشرع: “لن يكون هناك إفلات من العقاب”.
محادثات مع إسرائيل وعودة العلاقات الدبلوماسية
وفيما يتعلق بإسرائيل، أكد الشرع أن مفاوضات غير مباشرة جارية لتخفيف التوترات في أعقاب الغارات الجوية المتكررة. في حين لم يُسمِّ الطرف الوسيط، أفادت رويترز أن الإمارات العربية المتحدة تُسهِّل المحادثات. وانتقد ماكرون تصرفات إسرائيل، قائلاً: “لا يمكن لإسرائيل ضمان أمنها بتقويض سيادة دولة أخرى”.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في تصريح منفصل، من أن فرنسا لن تُعطي سوريا “شيكًا على بياض”. وأكد أن مشاركة فرنسا مشروطة بإحراز تقدم ملموس في مكافحة الطائفية والإفلات من العقاب.
وتوِّجت الزيارة بما وصفه الزعيمان بـ”فصل جديد” في العلاقات الفرنسية السورية، حيث أعرب ماكرون عن ثقته في القيادة الانتقالية السورية. وقال للشرع: “أنا أعتمد عليكم”.