
أفادت وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن ثلاثة “مصادر مطلعة”، أن سوريا وإسرائيل دخلتا في محادثات غير مباشرة عبر قناة خلفية سرية بوساطة الإمارات العربية المتحدة. وتأتي هذه الدبلوماسية السرية في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، إلى تحقيق الاستقرار في البلاد وجذب الدعم الإقليمي وسط تزايد انعدام الأمن واستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية.
وأفادت المصادر لرويترز أن المحادثات، التي بدأت بعد أيام من زيارة الشرع للإمارات في 13 أبريل/نيسان، تقتصر على القضايا التقنية والأمنية. وأكد أحد هذه المصادر، وهو مسؤول أمني سوري رفيع المستوى، أن المسائل العسكرية – بما في ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل سوريا – لا تزال خارج نطاق الحوار الحالي.
وأشار أحد المصادر إلى أنه “لا حدود لما قد تتضمنه المناقشات في نهاية المطاف”، مؤكداً أن التركيز لا يزال منصباً على بناء الثقة بين دولتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية. وأفادت التقارير أن مسؤولين استخباراتيين إسرائيليين وسوريين وإماراتيين، إلى جانب عملاء استخبارات إسرائيليين سابقين، شاركوا في هذه المحادثات.
توقيت دقيق وسط تصعيد للضربات
يُزعم أن المحادثات جرت قبل التصعيد الأخير في الغارات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك هجوم دقيق على بُعد 500 متر فقط من القصر الرئاسي في دمشق يوم الجمعة الماضي. وبينما لم تتمكن رويترز من تأكيد ما إذا كانت القناة الخلفية لا تزال نشطة منذ الغارات، صرّح دبلوماسي إقليمي بأن جهود وساطة غير رسمية أخرى بين البلدين كانت جارية في الأيام التي تلت الهجوم.
منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، تكثفت العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل سوريا. وتؤكد إسرائيل أن ضرباتها “إجراءات استباقية” تهدف إلى منع نقل الأسلحة إلى ما تسميه “الجماعات الإرهابية”. إلا أن هذه العمليات عمليًا، غالبًا ما استهدفت القوافل العسكرية السورية والبنية التحتية، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني والأمني المتردي أصلًا على الأرض.
إرث من عدم الاستقرار والضغط الإقليمي
أقرّ الرئيس الشرع، في حديثه في باريس يوم الثلاثاء إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بوجود محادثات غير مباشرة، قائلاً إن الهدف هو “تهدئة الوضع ومنع فقدان السيطرة”. وأدان تصرفات إسرائيل ووصفها بـ”التعسفية”، ودعا إلى وضع حد للتدخل الأجنبي في الشؤون السورية.
كما واصلت إسرائيل توسيع المنطقة العازلة التي أُنشئت أصلاً بموجب اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 التي لم تعد سارية المفعول. ووفقاً لمسؤولين سوريين، توغلت القوات الإسرائيلية في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، واستولت على مواقع استراتيجية مثل جبل الشيخ.
تفاؤل حذر
على الرغم من أن الرئاسة السورية ووزارة الخارجية الإماراتية لم تُعلّقا علناً على المحادثات المُعلنة، إلا أن المصادر أكدت أن اجتماع الشرع المطول، والذي قيل إنه كان مُثمراً، مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد الشهر الماضي، ساهم في تهدئة المخاوف الإماراتية بشأن القيادة الجديدة في دمشق، مما مهد الطريق للمبادرة الحالية.
في الوقت الحالي، تظل الاتصالات محدودة، ومبدئية، وسرية للغاية – ولكنها تمثل تحولا محتملا في أحد أطول الصراعات في المنطقة، والذي تحركه المخاوف الإقليمية المشتركة أكثر من التوافق السياسي.