
في تحوّلٍ جذريٍّ في السياسة الخارجية الأمريكية، التقى الرئيس دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء في الرياض، في أول لقاء مباشر بين زعيمي البلدين منذ أكثر من عقد. واستضاف اللقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وحضره عن بُعد الرئيس التركي رجب أردوغان، على هامش القمة الخليجية الأمريكية، واستمر قرابة 33 دقيقة، وفقًا لوسائل إعلام سعودية.
“بداية جديدة”
استغل الرئيس ترامب هذه المناسبة للإعلان رسميًا عن رفع جميع العقوبات الأمريكية عن سوريا ، واصفًا إياها بـ “فرصة حقيقية لبداية جديدة”. وفي حديثه في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في اليوم السابق، أكد ترامب أن هذه الخطوة تهدف إلى مساعدة سوريا على “النمو والتطور” بعد سنوات من الحرب والعزلة الاقتصادية.
قال ترامب، في إشارة إلى الشرع الذي تولى القيادة بعد سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي: “هذه حكومة جديدة نأمل أن تنجح في تحقيق الاستقرار في البلاد وحفظ السلام”. كما كشف أن وزير الخارجية ماركو روبيو سيلتقي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في تركيا لمواصلة المحادثات الثنائية.
أشاد ولي العهد محمد بن سلمان بقرار ترامب، واصفًا إياه بالخطوة الإنسانية التي من شأنها تخفيف المعاناة وتشجيع إعادة الإعمار. وقال للحضور في القمة: “إن احترام سيادة سوريا ودعم وحدتها أمرٌ بالغ الأهمية لأمن المنطقة”.
وأكد أردوغان، الذي انضم إلى الاجتماع عبر الفيديو، هذه المشاعر، واصفا تخفيف العقوبات بأنه “تاريخي” وأكد مجددا دعم تركيا لسوريا في حربها ضد الإرهاب، وخاصة ضد فلول داعش.
إعادة تنظيم تاريخية
يأتي هذا الاجتماع في ظل إعادة تنظيم أمريكية أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط. وقد واجهت إدارة ترامب انتقادات من بعض المسؤولين المحليين والإسرائيليين لتعاملها مع الشرع، الذي كان يقود سابقًا فرع تنظيم القاعدة في سوريا. ومع ذلك، أكد البيت الأبيض أن الشرع نأى بنفسه عن العناصر المتطرفة، ويُنظر إليه الآن من قبل الكثيرين في المنطقة كقائد براغماتي.
صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كايلي ماكناني، بأن ترامب حثّ الشرع على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتحمّل مسؤولية مراكز احتجاز داعش في شمال شرق سوريا. كما دعا ترامب سوريا إلى طرد المقاتلين الأجانب والحدّ من عودة ظهور الجماعات الإرهابية.
وبحسب مسؤول سوري رفيع المستوى نقلته قناة فوكس نيوز، أعرب الشرع عن استعداد سوريا لإقامة “علاقة استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة”، معتبرًا ترامب قائدًا قادرًا على تحقيق السلام في المنطقة. كما أعرب عن أمله في استثمار أمريكي في قطاعي النفط والغاز في سوريا، وجدد دعمه لاتفاقية فض الاشتباك لعام ١٩٧٤ مع إسرائيل.
بينما لا تزال تفاصيل أي تعاون مستقبلي محدودة، أكد الجانبان أن وزيري خارجيتهما سيجتمعان مجددًا في وقت لاحق من هذا الأسبوع في تركيا لدفع الحوار. وقد يُمثل هذا الاجتماع نقطة تحول رئيسية في إعادة تشكيل المكانة العالمية لسوريا بعد الحرب، وإعادة تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.