
في أول خطاب علني له منذ أن رفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، أعلن الرئيس أحمد الشرع مساء الأربعاء أن عهدًا جديدًا قد بدأ للبلاد التي مزقتها الحرب، ودعا السوريين والشركاء الأجانب على حد سواء إلى المشاركة في جهود إعادة الإعمار.
وفي خطاب متلفز استمر تسع دقائق بثّته وسائل الإعلام الرسمية، وصف الشرع إنهاء العقوبات الأمريكية بأنه “قرار تاريخي وشجاع”. وناشد المستثمرين – سواء من السوريين في الداخل والخارج، وكذلك من رواد الأعمال العرب والأتراك والدوليين – بالمساهمة في تحويل سوريا إلى “أرض للسلام والعمل المشترك”.
وقال الشرع: “مرت سوريا بمرحلة مأساوية تحت حكم النظام البائد. أصبحنا منبوذين، ننفّر شعبنا وجيراننا. لكن اليوم هو بداية العمل الجاد لبناء سوريا الحديثة”. وشدد على الوحدة والسيادة الوطنية، مضيفًا: “لن نسمح بتقسيم سوريا أو بتحويلها إلى ساحة صراع على النفوذ”.
الدعم العربي والدولي وراء الاختراق الدبلوماسي
وأرجع الرئيس رفع العقوبات إلى التنسيق الدبلوماسي والدعم الدولي المتزايد. وأشاد بجهود السلك الدبلوماسي السوري، وكذلك بدور قادة رئيسيين مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في عودة سوريا إلى الساحة الإقليمية.
كما أشار إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي عبّر عن استعداده للتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات الأوروبية، في حين اعتُبر قرار الرئيس دونالد ترامب تتويجًا للجهود الدبلوماسية رفيعة المستوى وتفاعل الجاليات السورية في الخارج.
وقال الشرع: “وحدة السوريين في الداخل والخارج لعبت دورًا حاسمًا. لقد ساهم تفاعل الجاليات السورية حول العالم في إقناع الفاعلين الدوليين بأنه قد حان وقت إنهاء عزلة سوريا”.
المسؤولون يشيرون إلى إصلاحات اقتصادية شاملة عقب رفع العقوبات
عكست تصريحات كبار المسؤولين السوريين تفاؤلاً بشأن آفاق الاقتصاد. وقال وزير المالية محمد يسر برنية إن الحكومة تعمل على إعداد إصلاحات صديقة للاستثمار، تشمل نظامًا ضريبيًا جديدًا، وإعادة هيكلة للجمارك، وتحديث القطاع المصرفي. وأضاف: “سوريا بلد واعد جدًا للاستثمار في جميع القطاعات”.
وقال رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، مصعب البدوي، إن رفع العقوبات – خصوصًا عن القطاع المصرفي – سيفتح المجال أمام تحسينات في مجالات الصحة والتعليم والخدمات العامة. وأضاف: “هذه فرصة لرفع مستوى المعيشة وإحياء المشاريع التنموية المتوقفة”.
بناء سوريا الجديدة قد بدأ
أكد الشرع في خطابه على إنجازات إدارته الانتقالية، مشيرًا إلى تشكيل حكومة جديدة، وإعلان دستوري، وإصلاحات اقتصادية، وعودة علم سوريا إلى الأمم المتحدة. وشدد على أن تقدم سوريا يعتمد على وحدة الداخل والتعاون الإقليمي، قائلاً: “أمامنا طريق طويل، لكن مسيرة بناء سوريا الجديدة – قوية، موحدة، ومزدهرة – قد بدأت”.