
في قرار تاريخي يُعد تحولاً جذرياً في السياسة الغربية تجاه سوريا، أعلن الاتحاد الأوروبي رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وذلك بعد وقت قصير من إعلان مماثل أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقد رحب مسؤولون سوريون بالخطوة واعتبروها نقطة تحول في مسار التعافي الوطني وإعادة الاندماج الإقليمي.
وأكدت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على أن القرار مشروط وقابل للتراجع، قائلة في مؤتمر صحفي ببروكسل: “لا يمكن تحقيق السلام في سوريا دون تعافٍ اقتصادي واستقرار”. وأضافت: “نريد أن نساعد الشعب السوري في بناء سوريا جديدة، شاملة، وسلمية”.
وشملت العقوبات المرفوعة الحظر على واردات النفط، والاستثمار في البنية التحتية، والتعاملات المالية مع البنوك السورية. إلا أن العقوبات المرتبطة بأفراد على صلة بنظام بشار الأسد، إضافة إلى حظر السلاح، ما زالت قائمة.
القيادة السورية ترحب بالخطوة كبوابة للتعافي
وفي أول تعليق سوري رسمي، وصف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية القرار بأنه “خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي”، مشيراً إلى أن رفع العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشكل متزامن “يمثل لحظة محورية” تتيح الفرصة لتحفيز الاستثمار وتعزيز الثقة بالاقتصاد السوري.
من جانبه، اعتبر وزير الداخلية أنس خطاب القرار “خطوة مهمة نحو فتح آفاق جديدة للتعافي وإعادة الإعمار”، معبّراً عن أمله بمستقبل سلمي “يتمكن فيه الشعب السوري من بناء مستقبله بأمان واستقرار”.
وأشاد وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، بصمود الشعب السوري، مؤكداً أن البلاد “تستعيد دورها الريادي في المنطقة”، داعياً إلى مواصلة التعاون الدولي للحفاظ على الزخم الاقتصادي والسياسي.
ردود فعل دولية وحسابات استراتيجية
أوضح قادة أوروبيون أن القرار يهدف إلى دعم الشعب السوري لا النظام السابق. وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول: “الاتحاد الأوروبي يريد فتح صفحة جديدة مع سوريا، لكنه يتوقع أيضاً سياسة شاملة داخل البلاد تشمل جميع مكونات المجتمع الدينية والعرقية”.
وجاء هذا التحول بعد أشهر من المفاوضات داخل الاتحاد الأوروبي، حيث أشار أعضاء في الاتحاد إلى ضرورة تقديم دعم أكثر فعالية للانتقال السياسي والتنمية في سوريا. كما أقروا بأن القرار الأميركي كان له دور في تسريع اتخاذ الخطوة الأوروبية.
واعتبرت وزارة الخارجية السورية قرار الاتحاد الأوروبي “تحولاً جذرياً” يفتح الباب أمام شراكات متبادلة المنفعة، مؤكدة استعدادها للتعاون مع الشركات الأوروبية في جهود إعادة الإعمار، مع التركيز على التنمية المستدامة.
وقد رحبت الأمم المتحدة وتركيا ومجلس التعاون الخليجي وعدة دول أوروبية، منها ألمانيا والنرويج، بقرار الاتحاد. واعتبر المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن أنه خطوة حاسمة “لدعم الشعب السوري في سعيه لبناء مستقبل شامل وسلمي وعادل”.
ورغم أهمية هذا التحول الدبلوماسي، شددت كايا كالاس على أن استمرار التعاون الأوروبي مرهون بالتقدم داخل سوريا، قائلة: “نحن جميعاً بحاجة إلى سوريا مستقرة، ويجب أن نمنح الشعب السوري فرصة حقيقية”.