
قدّم الدكتور مصطفى البكور، محافظ السويداء، استقالته إلى الرئيس أحمد الشرع يوم الجمعة، بعد يومين من احتجازه تحت تهديد السلاح خلال هجوم مسلح على مبنى المحافظة.
المواجهة تقوض الإصلاحات الأمنية
وأكد المكتب الإعلامي لمحافظة السويداء الاستقالة، مشيرًا إلى أن البكور حاول مرارًا خلال الأشهر الماضية حل النزاعات بـ”العقل والحكمة والحوار”. وجاءت الاستقالة في أعقاب حادثة دراماتيكية وقعت في 21 أيار، حين اقتحم مسلحون مبنى الحكومة الرئيسي مطالبين بالإفراج عن أحد أقاربهم المدان بسرقة سيارات في دمشق.
وقال مدير العلاقات العامة في السويداء، علي الرفاعي، إن الهجوم كان “اعتداء غير مسبوق على هيبة الدولة واستقرارها المدني”، وكشف أن المسلحين كانوا بقيادة فادي نصر وطارق المغوش، وقد أشهروا أسلحتهم الأوتوماتيكية في وجه المحافظ وموظفي الحكومة وعناصر الأمن، قبل أن يفرضوا الإفراج عن المدان.
تدخل الفصائل ورد فعل المجتمع المحلي
تدخل فصيل “لواء الجبل” المحلي لطرد المسلحين، فيما أمّنت حركة “رجال الكرامة” طريق خروج آمن للمهاجمين، مما ساهم في تجنّب وقوع مزيد من العنف. وأشاد المحافظ البكور، في حديث لقناة الإخبارية، بهذا التدخل، مؤكدًا أن “تطبيق القانون وحماية الأمن في محافظة السويداء هو خيار لا رجعة عنه”.
وسارع القادة الدينيون والمدنيون إلى إدانة الهجوم. ووصف الشيخ حمود الحناوي، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، الحادثة بأنها “مرفوضة تمامًا”، مشددًا على أن “من ارتكبوا هذا الفعل يجب أن يُحاسبوا”، واعتبر البكور “شخصية محترمة تتحمل مسؤولية وطنية في الحفاظ على سلامة واستقرار الناس”.
وكشف الحناوي أن المحافظ قال له: “لن أقبل أن تُراق قطرة دم واحدة بسببي”، وهو ما ردده أيضًا أهالي السويداء ونشطاء عبّروا عن تضامنهم مع البكور واستيائهم من الفوضى التي تجلّت في الهجوم.
الاتفاق الأمني أمام اختبار حاسم
جاء الهجوم بعد أسابيع فقط من إطلاق اتفاق أمني بين الحكومة السورية والفصائل المحلية يهدف إلى تفعيل عمل المؤسسات الأمنية وإعادة النظام إلى محافظة تعاني من تصاعد العنف وانتشار الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون. ويتضمن الاتفاق، الذي تم التوصل إليه أوائل أيار، نشر وحدات أمنية عامة وتعزيز دور الشرطة القضائية.
وفي رد فعل على الحادثة، أصدرت “الهيئة المدنية من أجل سوريا” بيانًا أدانت فيه الهجوم ووصفته بأنه “إهانة للمحافظ وللمجتمع بأكمله”، وأكدت دعمها لدور الدولة في حفظ النظام، ودعت إلى تطبيق القانون بشكل متساوٍ في جميع أنحاء سوريا.
أثارت استقالة المحافظ البكور مخاوف بشأن مستقبل جهود تحقيق الاستقرار الهش. وصرّح مدير شبكة الراصد، ضياء السحنوي، بأن المحافظ قبل اعتذارات المجتمع وأبدى رغبة قوية في تفادي إراقة الدماء.
ونُقل عن البكور قوله: “أعفي نفسي حتى لا تتفاقم المشاكل”، ما يُبرز أن قراره بالاستقالة جاء كمحاولة لامتصاص التوترات. وتنتظر الاستقالة حاليًا القبول الرسمي من الرئاسة.