
يُعَدّ صندوق التنمية السوري مؤسسة اقتصادية تهدف إلى المساهمة في إعادة الإعمار، الترميم، وتطوير البنية التحتية، بما في ذلك جميع الخدمات والمرافق التي تدعم حياة المواطنين اليومية، مثل الطرق والجسور والمياه والكهرباء والمطارات والموانئ وشبكات الاتصالات. كما يقوم بتمويل مشاريع متنوعة عبر القروض.
يمتلك الصندوق رؤية شاملة تسعى إلى توحيد جهود الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشعب السوري في الداخل والخارج. كما يهدف إلى ضمان الشفافية في إدارة الموارد، وخلق فرص عمل ملموسة، وتنفيذ مشاريع خدمية واقتصادية تحسّن حياة المواطنين في كل محافظة ومدينة وقرية.
أُطلِقت أولى أنشطة الصندوق في 4 أيلول/سبتمبر بحضور الرئيس أحمد الشرع، وذلك في قلعة دمشق. وقد افتتح الحملة الطفل محمود (11 عاماً) بدولار واحد. وكان محمود قد أُنقذ من تحت الأنقاض على يد فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) بعدما ظل محتجزاً لأكثر من 16 ساعة إثر قصف في حلب عام 2014 من قبل نظام الأسد، وكان حينها يبلغ من العمر عشرة أيام فقط.
وشهدت حملة التبرعات العديد من المحطات البارزة، أهمها إعلان الرئاسة السورية التبرع بـ20 مليون دولار، وهي حصيلة مزاد علني لأربع سيارات فارهة تعود ملكيتها لعائلة الأسد كانت قد صودرت بعد التحرير، حيث وجّه الرئيس الشرع بإعادة قيمتها إلى الشعب السوري. وقد تجاوزت التبرعات 61 مليون دولار خلال ساعة واحدة فقط.
المبادرات الإقليمية والمحلية
استلهاماً من الحملة الوطنية، بدأت حملات محلية في أنحاء البلاد. ففي 11 أيلول/سبتمبر، أُطلقت حملة “دير العز” في الملعب البلدي بدير الزور، وتهدف إلى دعم مشاريع إعادة الإعمار والخدمات في المحافظة. وقد تجاوزت التبرعات 32 مليون دولار.
وفي اليوم نفسه، أطلق أهالي بلدة كفرومة في ريف إدلب حملة شعبية واسعة تحت شعار “الوفاء لكفرومة أم الشهداء”. وتهدف الحملة إلى تحسين الخدمات الأساسية في البلدة، التي تعرضت لدمار واسع نتيجة القصف والنهب خلال سنوات الثورة السورية.
تركّز الحملة على ترميم البنية التحتية المتضررة، وإصلاح المدارس بشكل أساسي بهدف إعادة الحياة التعليمية والاجتماعية إلى البلدة. ومنذ انطلاقها، شهدت الحملة مشاركة شعبية واسعة، حيث تجاوزت التبرعات 150 ألف دولار، في تعبير عن روح التضامن والانتماء.
من دمشق إلى دير الزور وصولاً إلى بلدات صغيرة مثل كفرومة، تبرز هذه الحملات قناعة متزايدة لدى السوريين بأن مهمة إعادة الإعمار لا يمكن أن تعتمد على المساعدات الخارجية فقط. فمن خلال جمع الموارد، وبيع أصول الدولة بالمزاد، وإطلاق المبادرات الشعبية، يتولى المواطنون والمؤسسات معاً مسؤولية تعافي بلدهم. وبهذا لا يقتصر الأمر على ترميم البيوت والمدارس، بل يُبنى أساس لمستقبل قائم على الوحدة والصمود والمسؤولية المشتركة.
