
وصلت الأزمة الإنسانية في سوريا إلى مستويات حرجة، حيث يحتاج ملايين الأطفال إلى المساعدة العاجلة بعد انهيار نظام الأسد والتحديات المستمرة التي تواجه البلاد، بحسب تحذير منظمة اليونيسيف يوم الأربعاء.
ووفقًا لإدوارد بيجبيدير، المدير الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن 7.5 مليون طفل في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما يحتاج 6.4 مليون طفل إلى خدمات حماية عاجلة. جاءت تصريحاته عقب زيارته لعدة محافظات، حيث شهد عن كثب تأثير تدهور الأمن والتحديات الاقتصادية على الشباب السوري.
أزمة التعليم
أشار بيجبيدير إلى أن 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، وهناك مليون آخرون معرضون لخطر التسرب. وتضع هذه الأزمة التعليمية الأطفال في مواجهة خطر الاستغلال من خلال عمالة الأطفال، والزواج المبكر، والتجنيد في الجماعات المسلحة. وقال: “من الضروري الاستثمار في التعليم وتمكين المعلمين لتعزيز التماسك الاجتماعي والسلام”.
قطاع صحي متدهور
يبقى الوضع الصحي في سوريا حرجًا، حيث أن 40% من المستشفيات والمرافق الصحية إما متوقفة جزئيًا أو بالكامل عن العمل. ووصف بيجبيدير النظام الصحي في البلاد بأنه “هش للغاية”.
بالإضافة إلى ذلك، يحتاج 13.6 مليون شخص، بينهم أطفال، إلى خدمات المياه والصرف الصحي، بينما يحتاج 5.7 مليون شخص – من بينهم 3.7 مليون طفل – إلى مساعدات غذائية. ودعا بيجبيدير المجتمع الدولي إلى دعم تعافي سوريا من خلال ضمان تقديم خدمات مستدامة للأطفال والشباب في البلاد. كما أكد على أهمية الانتقال السياسي الشامل لضمان حقوق الأطفال العشرة ملايين في سوريا.
الأطفال تحت تهديد مخلفات الحرب
كما أطلقت اليونيسيف تحذيرًا بشأن المخاطر القاتلة التي تشكلها الألغام والذخائر غير المنفجرة، والتي أودت بحياة أكثر من 1,260 طفلًا منذ عام 2020. هذه المخلفات الحربية تستمر في منع الأطفال من الذهاب إلى المدرسة والحصول على الرعاية الصحية. ودعت اليونيسيف جميع الأطراف والداعمين الدوليين إلى زيادة المساعدات الإنسانية فورًا وضمان الوصول الآمن ودون عوائق للعائلات المتضررة.
الفقر والأزمات الاقتصادية
أفاد البنك الدولي أن أكثر من 27% من السوريين، أي ما يعادل حوالي 5.7 مليون شخص، يعيشون في فقر مدقع بعد 13 عامًا من الصراع المدمر والدمار الذي سببه النظام. الأزمات الاقتصادية، التي تفاقمت بفعل الحرب واستغلال نظام الأسد، تركت الملايين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. وأشار البنك الدولي في تقرير حديث إلى أن “أكثر من عقد من الصراع أدى إلى تدهور كبير في رفاهية الأسر السورية”.
خطط الحكومة الانتقالية للتعافي
وضعت الحكومة السورية الانتقالية (STG)، التي تولت السلطة بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر، استراتيجيات لمعالجة التحديات الإنسانية والاقتصادية. وأعلن وزير الزراعة السوري، محمد الأحمد، عن خطط لتأمين إمدادات الطحين والخضروات وتقديم قروض للمزارعين بشروط ميسرة.
كما وجهت وزارة الزراعة مراكزها المتخصصة لتوزيع الفواكه والبذور بأسعار مخفضة لتخفيف الأعباء المالية عن المزارعين والمستهلكين. ورغم هذه الجهود، أقر الأحمد بوجود تحديات كبيرة تواجه القطاع الزراعي، بما في ذلك نقص الموارد المالية والأدوات الزراعية والوقود. وقد تعرض هذا القطاع، الذي يشكل ركيزة أساسية لاقتصاد سوريا، لأضرار جسيمة خلال سنوات الصراع.
أطفال سوريا استثمار في المستقبل
مع انتقال سوريا إلى مرحلة جديدة، تواجه المنظمات الدولية والحكومة الانتقالية تحديات هائلة لإعادة بناء دولة دمرتها عقود من الحرب وسوء الإدارة. ومع ذلك، هناك أمل في أن يوفر الدعم الدولي المستمر والمبادرات المحلية للإغاثة تخفيفًا لمعاناة الملايين من السوريين، ولا سيما الأطفال الأكثر ضعفًا في البلاد.
وأكد توم فليتشر، منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، على ضرورة الإسراع في معالجة الوضع، قائلاً إن 17 مليون سوري – أي 70% من السكان – بحاجة إلى المساعدة. وقال بيجبيدير: “أطفال سوريا هم المستقبل. ضمان حقوقهم ورفاهيتهم أمر أساسي لبناء أمة سلمية ومزدهرة”.