
شدد رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية السورية (STG)، محمد البشير، على سلاسة انتقال السلطة، مشيرًا إلى الجهود المبذولة للحفاظ على الخدمات الأساسية والأمن والاستقرار خلال عملية التسليم. وقال: “كان هدفنا تجنب الفوضى وضمان استمرارية الخدمات، وقد نجحنا في ذلك”.
ومع ذلك، فإن التحديات كبيرة. فقد أدى انهيار النظام إلى ترك الحكومة الانتقالية مع بنية تحتية منهارة وفساد عميق وخزينة منهوبة. وأوضح البشير: “ورثنا خزينة فارغة”، داعيًا المجتمع الدولي إلى رفع العقوبات، وإطلاق الأموال المجمدة، ودعم تعافي سوريا.
أعطت الحكومة الانتقالية الأولوية لإعادة هيكلة المؤسسات القديمة، بما في ذلك القضاء، لمعالجة الجرائم السابقة وبناء نظام قانوني عادل. ودعا البشير إلى عودة السوريين النازحين للمشاركة في إعادة بناء البلاد، مشددًا على أن مشاركتهم ضرورية لتشكيل مستقبل سوريا.
إصلاحات صحية وإدارية
أعلنت وزيرة الصحة الانتقالية عن خطط لتنسيق الجهود مع المنظمات الإنسانية من خلال مكتب تنسيق إنساني مركزي. وتعهدت الوزارة بالقضاء على التجاوزات وتوحيد سلم الرواتب، مع دراسة تقليص القوى العاملة لضمان الاستدامة المالية. تهدف هذه المبادرات إلى استقرار الخدمات الصحية العامة في بلد ما زال 40% من مرافقه الصحية خارج الخدمة بشكل كامل أو جزئي، وفقًا لليونيسيف.
عودة الائتلاف الوطني السوري إلى سوريا
أعلن الائتلاف الوطني السوري (SNC)، وهو هيئة سياسية معارضة مقرها تركيا، عن خطط لإنشاء مقر له في سوريا. وأكد رئيس الائتلاف هادي البحرة على أهمية وجود حكومة انتقالية شاملة تعكس تنوع سوريا وتجنب الطائفية.
وقال البحرة في مؤتمر صحفي: “يجب أن تكون هذه الحكومة ذات مصداقية وتمثل جميع السوريين”. وأضاف أن المرحلة الانتقالية ستتوج بدستور جديد وانتخابات ديمقراطية خلال 18 شهرًا. وأبرز دور الائتلاف في تأمين الدعم الدولي للحكومة الانتقالية وتوافقه مع الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.
إدماج المناطق الكردية والحوار مع قوات سوريا الديمقراطية
أعربت قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، تحت ضغط من الحكومة الانتقالية والحركات الثورية لضمان وحدة الأراضي السورية، عن استعدادها للتعاون مع السلطة الجديدة في دمشق. وأعلن قائد القوات، مظلوم عبدي، عن خطط لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في كوباني لمعالجة المخاوف الأمنية التركية وتسهيل المصالحة مع الحكومة المركزية. وقال أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية: “سوريا لن تُقسم”، مشددًا على أن المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ستُدمج في الإطار الوطني خلال هذه الفترة الانتقالية.
وأكد الشرع على أهمية صياغة دستور يعكس تقاليد سوريا مع ضمان حقوق جميع السوريين. وقال: “مهمتنا إعادة بناء سوريا وإنشاء نموذج حكم يعكس سوريا الحقيقية”.
نقص الدعم الدولي
أعرب كل من البشير والبحرة عن إحباطهما من نقص الدعم الدولي، متهمين المجتمع الدولي بخيانة الشعب السوري خلال نضاله. ودعوا القوى العالمية إلى الوفاء بالتزاماتها من خلال رفع العقوبات، وتمويل إعادة الإعمار، وملاحقة مجرمي النظام.
وأكد قائد إدارة العمليات العسكرية الشرع على الحاجة إلى إعادة تقييم السياسات الدولية تجاه المؤسسات الثورية السورية، بما في ذلك هيئة تحرير الشام (HTS). وقال: “إدراج هيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب هو نتيجة إرادة سياسية وليس بناءً على أدلة”، مشيرًا إلى أن الهيئة لم تستهدف المدنيين ولا يجب مساواتها مع الجماعات الأخرى. ودعا الشرع إلى رفع العقوبات التي تعرقل إعادة الإعمار، مشددًا على أن هذه الإجراءات تعاقب الشعب السوري بشكل غير عادل على أفعال النظام المخلوع.
وأضاف أن النسيج الاجتماعي والثقافي الفريد لسوريا يميزها عن أماكن مثل أفغانستان. وأوضح الشرع: “سوريا منهكة من الحرب لكنها ليست تهديدًا لجيرانها أو للغرب”. وحث المجتمع الدولي على الاعتراف بهذا التميّز ودعم جهود سوريا لإعادة البناء من خلال حكم شامل وتعافٍ اقتصادي.
ومع تقدم سوريا في هذه المرحلة الانتقالية، يظل التركيز على تأمين السلام، وتلبية الاحتياجات الإنسانية، وبناء أساس ديمقراطي للأجيال القادمة. الطريق مليء بالعقبات، لكن الحكومة الانتقالية تصر على رؤية للوحدة والصمود من أجل سوريا جديدة.