
في خطوة دبلوماسية بارزة، التقى وفد أمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، مع ممثلين عن الحكومة السورية الانتقالية (STG) وأحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية (CMO)، في دمشق يوم الجمعة. وتعدّ هذه الزيارة أول تواصل مباشر بين الولايات المتحدة وقيادة سوريا الجديدة منذ الإطاحة ببشار الأسد. وركز الاجتماع على التحديات والفرص التي تواجه سوريا بعد الصراع، مع تأكيد الولايات المتحدة دعمها القوي لعملية الانتقال وإعادة الإعمار في البلاد.
“انتصار تاريخي”
ووفقًا لبيان صادر عن إدارة العمليات العسكرية، هنأ الوفد الأمريكي الحكومة الانتقالية السورية على ما وصفه بـ”الانتصار التاريخي للشعب السوري”، وأكد التزام واشنطن بدعم الإدارة الجديدة.
وجاء في البيان: “أكد الجانب الأمريكي التزامه بالوقوف إلى جانب الشعب السوري في مواجهة التحديات الكبرى، بما في ذلك استقرار المنطقة الشمالية الشرقية ودفع عجلة التعافي الاقتصادي”.
كما أشاد الوفد بالمبادرات المبكرة للحكومة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل جيش سوري موحد وإنشاء وزارة دفاع. وأبرز الجهود المبذولة لتعزيز الشراكة بين الشعب وتمثيل جميع المجموعات العرقية والدينية في سوريا.
المساءلة والعدالة
وفي مناقشات مع الشرع، شدد الممثلون الأمريكيون على أهمية المساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبت في عهد نظام الأسد. وأشادوا بالجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة الانتقالية لتحقيق العدالة للضحايا، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين واستمرار التحقيقات بشأن المفقودين، مثل الصحفي الأمريكي أوستن تايس والمواطنين الأمريكيين الآخرين الذين اختفوا خلال حكم الأسد.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية: “أكدنا للقيادة السورية الجديدة أن واشنطن ستدعم سعي الشعب السوري لتحقيق العدالة والمساءلة”.
رفع العقوبات
وخلال الاجتماع، دعا الشرع الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشددًا على أن الشعب السوري يجب ألا يعاني بعد الآن من جرائم النظام السابق.
وقال الشرع: “ساهم الشعب السوري في إنقاذ المنطقة من الفوضى والتدخلات الأجنبية بالإطاحة بنظام الأسد”، مؤكداً أن حياد سوريا في الاستقطاب الإقليمي هو مفتاح تعافيها واستقرارها. كما عرض خططًا للإصلاح المؤسسي وبرامج التنمية، مشددًا على الحاجة إلى دعم دولي لإعادة بناء البلاد.
حقوق متساوية
وبعد الاجتماع، وصفت مساعدة الوزير ليف المناقشات بأنها “جيدة ومثمرة ومفصلة”. ووصفت الشرع بأنه “قائد براغماتي” قدم تصريحات معتدلة وتطلعية، خاصة فيما يتعلق بالمساواة وحفظ الحقوق.
وقالت ليف للصحفيين: “السلطات السورية الجديدة نقلت رسائل إيجابية، وتعهدت بمحاربة الإرهاب وضمان الاستقرار وبناء حكومة تحترم حقوق جميع السوريين، بما في ذلك النساء والمجتمعات المتنوعة”.
دور إقليمي
تأتي الزيارة في ظل اعتراف دولي متزايد بالحكومة الانتقالية السورية، حيث بدأت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل حوارًا مع القيادة الجديدة في سوريا. كما تشير زيارة الوفد الأمريكي إلى إمكانية تحسن العلاقات مع استكشاف الدول الغربية سبل التعامل مع الحكومة المؤقتة.
وأشارت ليف إلى تحسن الأوضاع في شمال شرق سوريا، بما في ذلك وقف إطلاق النار في عين العرب (كوباني) وتحول أدوار قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، كنموذج لاستقرار مناطق أخرى. وقالت: “هذه فرصة نادرة للسوريين لإعادة بناء بلدهم”، مؤكدة دعم الولايات المتحدة المستمر لعملية سياسية يقودها السوريون.
فصل جديد
وأشار بيان للسفارة الأمريكية في دمشق إلى أن الوفد التقى أيضًا بقادة المجتمع المدني السوري والنشطاء لفهم رؤيتهم لمستقبل البلاد. وجدد الأمريكيون التزام الولايات المتحدة الراسخ بمحاسبة مرتكبي جرائم عهد الأسد، ودعم الانتقال في سوريا إلى دولة ديمقراطية وشاملة. وتُظهر هذه الزيارة التاريخية تحولًا كبيرًا في العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا وتعكس التفاؤل الحذر للمجتمع الدولي بشأن مستقبل سوريا تحت هذه الحكومة الانتقالية.