
في تطور دبلوماسي مهم، التقت وفود من دول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر، بالقيادة السورية الجديدة في دمشق لمناقشة التعاون في التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار والأمن بعد سقوط نظام بشار الأسد. وتمثل الاجتماعات نقطة تحول في التعامل الإقليمي مع سوريا بعد أكثر من عقد من العزلة السياسية.
الوفد السعودي في قصر الشعب
استقبل القائد أحمد الشرع، وفداً سعودياً رفيع المستوى بقيادة مستشار في الديوان الملكي في قصر الشعب في دمشق. وأكدت قناة العربية السعودية الزيارة، رغم عدم الكشف عن تفاصيل محددة للمناقشات.
وفي حديثه عن المملكة العربية السعودية في مقابلة سابقة مع صحيفة الشرق الأوسط، أشاد الشرع برؤية الرياض التنموية الطموحة، قائلاً: “لا شك أن هناك تقاطعات كثيرة مع ما نطمح إليه، سواء في التعاون الاقتصادي أو التنموي أو غير ذلك”.
وتأتي زيارة الوفد السعودي في وقت يشهد نشاطاً دبلوماسياً متزايداً في دمشق، حيث تستضيف العاصمة وفوداً من دول عربية متعددة حريصة على إعادة بناء العلاقات مع القيادة السورية الجديدة.
الدعم القطري
وصل وفد قطري برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد الخليفي إلى دمشق يوم الاثنين على متن أول رحلة للخطوط الجوية القطرية تهبط في العاصمة السورية منذ سقوط نظام الأسد. وتسلط الزيارة الضوء على التزام قطر بدعم إعادة إعمار سوريا وتعزيز العلاقات الثنائية.
خلال مؤتمر صحفي مشترك، أعرب الشرع عن امتنانه للدعم الثابت من قطر طوال فترة الثورة السورية. وكشف عن خطط للتعاون في قطاعات مختلفة، بما في ذلك الطاقة وتطوير الموانئ، وأكد دعوة رسمية موجهة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة دمشق. وقال: “كانت قطر دائماً شريكاً للشعب السوري. المرحلة القادمة في سوريا ستكون مرحلة تنموية، وستكون مشاركة قطر حاسمة”.
عودة اللاجئين
يعكس تدفق الوفود الخليجية إجماعًا متزايدًا بين الدول العربية على دعم سوريا خلال مرحلتها الانتقالية. كما زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق، مؤكدًا استعداد الأردن للمساعدة في إعادة الإعمار وشدد على أهمية الاستقرار السوري للأمن الإقليمي. وسلط الصفدي الضوء على الحاجة إلى العودة الطوعية للاجئين، وهي قضية ملحة بالنسبة للأردن، الذي يستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري. وقال الصفدي: “إن أمن واستقرار سوريا هو استقرار الأردن”.
الأمن والاستقرار الاقتصادي
خلال هذه الاجتماعات رفيعة المستوى، ناقش ممثلو دول الخليج المخاوف المشتركة، بما في ذلك مكافحة الاتجار بالمخدرات واستعادة الاستقرار الإقليمي. وبحسب ما ورد أثار المسؤولون السعوديون قضية القضاء على إنتاج وتجارة الكبتاجون، وهي المشكلة التي ابتليت بها المنطقة لسنوات.
أكد الشرع للوفود الزائرة أن الإدارة السورية الجديدة ملتزمة بحل الفصائل المسلحة المستقلة وتوحيد البلاد تحت حكومة مركزية. وقال الشرع: “لقد رحل الجلاد (الأسد)”، في إشارة إلى نظام الأسد. “إننا نركز على إعادة بناء سوريا كدولة تحترم جميع مواطنيها وتوفر الأمن لجيرانها”.
شركاء في الاستقرار
إن هذا الانخراط المتجدد من جانب الدول العربية يُظهِر تحولاً في الديناميكيات الإقليمية حيث تضع القيادة السورية الجديدة نفسها كشريك للاستقرار والتنمية. وتشير الزيارات إلى الدعم المتزايد لعملية الانتقال في سوريا وإمكانية بذل جهود تعاونية لإعادة بناء البنية الأساسية والاقتصاد في البلاد. ومع قيام الوفود من المملكة العربية السعودية وقطر والأردن بتمهيد الطريق، يبدو أن دمشق على استعداد للعودة إلى الظهور كلاعب رئيسي في السياسة الإقليمية، مما يعكس استعدادًا عربيًا أوسع لطي صفحة سنوات من الصراع والانقسام.