
شنت الحكومة السورية حملة أمنية واسعة على طول الحدود مع لبنان، مستهدفة شبكات التهريب المرتبطة بحزب الله والمجموعات المسلحة المتهمة بزعزعة استقرار المنطقة. وأسفرت الحملة، التي يقودها جهاز أمن الحدود، عن اشتباكات عنيفة واعتقالات وإنقاذ اثنين من عناصر الجيش السوري الذين تم اختطافهم مؤخرًا.
اشتباكات في قرية حاويك
يوم الخميس 6 فبراير، اقتحمت القوات السورية بلدة حاويك الحدودية في محافظة حمص ضمن عملية تهدف إلى تفكيك طرق التهريب والشبكات المسلحة المرتبطة بحزب الله اللبناني في المنطقة. وسرعان ما تصاعدت العملية إلى اشتباكات عنيفة بين القوات الأمنية والمجموعات المسلحة المحلية، بعضها تابع لعشائر لبنانية ضالعة في عمليات التهريب عبر الحدود.
وامتدت العملية إلى داخل الأراضي اللبنانية، مما أدى إلى وقوع خسائر في كلا الجانبين، واستخدام الدبابات والمركبات المدرعة والطائرات المسيّرة. وأفادت مصادر محلية بأن قذائف هاون ونيران مدفعية ثقيلة استهدفت مناطق مدنية، مما دفع الجيش اللبناني إلى إرسال تعزيزات لمنع تصاعد التوترات.
اختطاف وإنقاذ عناصر من الجيش السوري
خلال الاشتباكات، اختُطف عنصران من الجيش السوري على يد مجموعة مرتبطة بتهريب الأسلحة والمخدرات. وبعد ساعات، تمكن جهاز أمن الحدود من تحرير الجنود المختطفين في عملية أمنية لم يُكشف عن تفاصيلها.
وذكرت تقارير أن الصليب الأحمر شارك في نقل الجنود طبيًا قبل إعادتهم إلى السلطات العسكرية السورية عند معبر جوسيه الحدودي. وأكدت وسائل الإعلام الرسمية السورية نجاح العملية، لكنها لم تقدم معلومات عن مصير الخاطفين. ويعكس الحادث المخاطر التي تواجهها القوات السورية في سعيها لاستعادة السيطرة على المناطق الحدودية المضطربة التي كانت تحت نفوذ شبكات إجرامية مدعومة من النظام السوري السابق وجماعات مثل حزب الله.
حملة أمنية ضد شبكات التهريب
تأتي هذه الحملة في إطار سلسلة عمليات أمنية أطلقتها الإدارة السورية الجديدة لفرض سيطرة الدولة على الحدود. ووصفت السلطات السورية العمليات بأنها جزء من استراتيجية أوسع لـ”إعادة سيادة القانون” وتفكيك الشبكات الإجرامية التي ازدهرت في المنطقة منذ اندلاع النزاع السوري.
وقال مسؤول في محافظة حمص لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): “تهدف الحملة إلى إغلاق منافذ تهريب الأسلحة والمخدرات التي تؤثر سلبًا على الشعبين السوري واللبناني”. وأكدت السلطات اعتقال عدد من المشتبه بهم ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة غير المشروعة والمواد المهربة.
تصاعد التوترات على الحدود السورية-اللبنانية
أثارت هذه العملية الأمنية توترات مع لبنان، خاصة بعد ورود تقارير عن وجود عناصر من حزب الله في منطقة الاشتباكات. وأفادت مصادر محلية بأن حزب الله احتجز لفترة وجيزة اثنين من أفراد الجيش السوري وصادر مركبة عسكرية قبل أن يتم طرده من المنطقة على يد القوات السورية.
كما ذكرت وسائل إعلام لبنانية، من بينها صحيفة “النهار”، أن قذائف هاون أُطلقت من الأراضي السورية وسقطت على أطراف بلدة القصر اللبنانية، مما أدى إلى إصابة جندي لبناني واحد على الأقل. وردًا على ذلك، عزز الجيش اللبناني قواته على الحدود لمنع تصعيد العنف.
وأصبحت السلطات اللبنانية جزءًا من هذه الأزمة الأمنية، حيث قام رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بزيارة هي الأولى من نوعها إلى دمشق منذ سقوط نظام الأسد، وذلك لمناقشة أمن الحدود مع الرئيس السوري أحمد الشرع في يناير الماضي، بعد محادثات تهدئة عبر الهاتف. وفي الشهر الماضي، أعلنت دمشق عن تشكيل لجان متخصصة لتنسيق الجهود في مكافحة التهريب ومعالجة المخاوف الأمنية على الحدود.
مرحلة جديدة من العمليات الأمنية السورية
منذ توليه السلطة في 8 ديسمبر، أعطت الإدارة السورية الجديدة الأولوية لاستقرار الحدود والقضاء على الفراغ الأمني الذي خلفه نظام الأسد. لطالما كانت المنطقة الحدودية مع لبنان بؤرة لتهريب الأسلحة والمخدرات والنشاطات العسكرية غير النظامية، مما زاد من عدم الاستقرار في كلا البلدين.
وأكد المسؤولون العسكريون السوريون أن الحملة الأمنية ستستمر، محذرين من أن الجماعات المسلحة والشبكات الإجرامية يجب أن تستسلم أو تواجه الإزالة بالقوة. ومع وصول تعزيزات عسكرية واستمرار المفاوضات بين دمشق وبيروت، تترقب المنطقة مزيدًا من التطورات بينما تسعى الحكومة السورية لفرض سيطرتها على المناطق الحدودية الاستراتيجية.