
شنت القوات الإسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية والتوغلات البرية في جنوب سوريا مساء الثلاثاء، مستهدفة مواقع متعددة في محافظتي درعا والقنيطرة. وأقرت القوات الإسرائيلية بالهجمات، ووصفتها بأنها جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى منع ما تسميه “تعزيز الوجود العسكري” بالقرب من “حدودها”.
هجمات جوية وبرية تستهدف جنوب سوريا
وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية السورية، ركزت الضربات على منطقة الكسوة جنوب دمشق، بالإضافة إلى مواقع عسكرية في القنيطرة ودرعا. وذكر سكان دمشق أنهم سمعوا دوي انفجارات قوية، فيما أكدت مصادر محلية وجود طائرات حربية إسرائيلية وطائرات مسيرة في الأجواء لمدة تجاوزت 30 دقيقة. وأفادت وكالة “رويترز” أيضًا بوجود طائرات تحلق على ارتفاع منخفض فوق العاصمة في وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها قناة 14، تنفيذ الغارات، مشيرة إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي استهدف قواعد عسكرية سورية سابقة، ودمر معدات قتالية خلال العملية. وأقر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بالهجمات، واصفًا إياها بأنها جزء من “سياسة جديدة” تهدف إلى منع جنوب سوريا من أن يصبح “معقلًا عسكريًا” شبيهًا بجنوب لبنان.
وقال كاتس: “شن سلاح الجو هجمات قوية في جنوب سوريا كجزء من السياسة الجديدة التي وضعناها لنزع السلاح في المنطقة. لن تسمح إسرائيل بأن يصبح جنوب سوريا تهديدًا لمواطنيها”.
توغل بري في القنيطرة ودرعا
بالإضافة إلى الغارات الجوية، أفادت التقارير بتوغل قوات برية عبرت إلى مناطق بالقرب من القنيطرة ودرعا. وذكر مصدر لصحيفة “العربي الجديد” أن حوالي 80 مركبة عسكرية إسرائيلية تحركت إلى المنطقة. وتمركزت بعض القوات مؤقتًا بالقرب من عين الزبدة وغدير البستان قبل الانسحاب بعد ساعتين. فيما تحركت وحدات أخرى شرقًا نحو عين ذكر، وتمركزت لفترة قصيرة بالقرب من تقاطع البكار.
رغم هذه التقارير، شكك بعض النشطاء المحليين في صحة الأنباء حول توغل واسع النطاق. وصرح الناشط محمد الحفري، المقيم في جنوب سوريا، بأن القوات الإسرائيلية استهدفت في الغالب ثكنات مهجورة ومواقع عسكرية سابقة، دون الانخراط في احتلال مباشر. ووصف علي حمود، جندي منشق عن نظام الأسد، الهجمات بأنها “استفزازية”، لكنه استبعد احتمالية وجود طويل الأمد للقوات البرية الإسرائيلية.
مبررات إسرائيلية وردود أفعال إقليمية
أصدرت قوات الدفاع الإسرائيلية بيانًا أكدت فيه أن الضربات استهدفت مواقع عسكرية “تشكل تهديدًا لإسرائيل”، مشيرة إلى أن مستودعات أسلحة ومراكز قيادة كانت من بين المنشآت التي تم قصفها. وشددت على أن أي تعزيز عسكري في جنوب سوريا سيُقابل بالقوة.
تأتي هذه التصعيدات وسط عدوان واحتلال إسرائيلي مستمر لجنوب سوريا. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد جدد مؤخرًا موقفه الرافض “لسماح” القوات السورية بإقامة وجود عسكري جنوب دمشق. وأثارت تعليقاته احتجاجات في جنوب سوريا، حيث أدان المتظاهرون الهجمات والاحتلال الإسرائيلي، وطالبوا بتعزيزات حكومية أكبر في المنطقة.
مخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي
تشكل الغارات الإسرائيلية الأخيرة تصعيدًا كبيرًا في النزاع المستمر في سوريا. ورغم أن دمشق لم تصدر ردًا رسميًا بعد، فقد أدانت الحكومة السورية سابقًا العمليات العسكرية الإسرائيلية باعتبارها انتهاكًا لسيادتها. ويحذر المحللون من أن استمرار العمليات الإسرائيلية في جنوب سوريا قد يزيد من زعزعة استقرار المنطقة، خاصة مع تصاعد التوترات بين القوى الإقليمية.